كتاب الأفكار والمشاعر السيطرة على حالاتك المزاجية وعلى حياتك PDF تأليف ماثيو ماكاي – باتريك فانينج

لعلك قد فتحت هذا الكتاب لأنك تشعر بعدم الارتياح: ربما تشعر بالاكتئاب، أو القلق، أو الغضب، أو الإحباط، أو الارتباك، أو التشتت، أو الضيق، أو الخزي…
للأسف، القائمة طويلة، لكن أرجو أن تتذكر أنك لست الوحيد الذي يواجه مشاعر وخبرات سلبية مؤلمة، أو أن هذا أمر نادر الحدوث وغير مألوف؛ فكل شخص يعاني أحيانًا من بعض المشكلات النفسية، وهذا شيء طبيعي.

وعندما يكون الألم شديدًا ولا يُحتمل، يكون هذا هو الوقت المناسب للقيام بشيء تجاهه. وبقراءتك لهذا الكتاب، تكون قد اتخذت خطوة مهمة نحو حل المشكلة والشعور بالارتياح.

عندما تشعر بالاستياء، لا يكون لديك الوقت أو الصبر للخوض في أحاديث حماسية ساذجة، أو قصص النجاح غير الواقعية، أو قصص مرعبة لا حاجة لها، أو مناقشات نظرية غامضة ومطنبة إلى حد الملل. من أجل ذلك، أعددنا هذا الكتاب بأكبر قدر ممكن من الوضوح والبساطة.

من جانب آخر، عندما تشعر بالاستياء، فأنت حينئذ لا تملك الطاقة التي تدفعك للبحث هنا وهناك في مصادر متناثرة لتجميع حل موحد لهذه المشكلة. ولذلك، أعددنا هذا الكتاب ليكون شاملًا ومتكاملًا:
تعلم هذه التقنيات الواردة في هذا الكتاب بتفصيل تام، وبترتيب منطقي متدرج.

وإذا كنت تشعر بالألم، فلن يكون لديك حينها وقت لإهداره في علاجات غير مجربة ومشكوك في نفعها، ولذا فإننا لم نورد في هذا الكتاب سوى التقنيات التي تم التأكد من فعاليتها على مدار فترة زمنية طويلة، في العديد من الدراسات المعدة إعدادًا جيدًا، والتي أجريت على العديد من الأشخاص من مختلف الأنماط حتى أثبتت فائدتها العلاجية بشكل كبير.

وعلى مدار الخمس والعشرين سنة الماضية، تم وضع وتطوير العديد من تقنيات العلاج السلوكي المعرفي لتخفيف القلق، وإزالة الاكتئاب، وتهدئة الغضب. وهذا الكتاب يحوي أفضل هذه التقنيات، فهو يقدم لك وعدًا حقيقيًا بأن المساعدة في طريقها إليك. ومع الصبر وقليل من الجهد، سوف تبدأ في الشعور بتحسن عمّا قريب.

لماذا يجدي العلاج السلوكي المعرفي؟

كثير من الناس يعتقدون أن المشاعر المؤلمة تحدث بسبب تجارب وخبرات الطفولة المنسية، وأن الطريقة الوحيدة للتخفيف من هذه المشاعر المؤلمة هي من خلال التحليل الطويل والمعقد لتعقب أثر الذكريات والترابطات المختزنة في اللاوعي والقضاء عليها.
لا شك أن هناك علاقة ما بين الأحداث التي تعرضت لها في الماضي البعيد والمشاعر السلبية التي تعاني منها حاليًا. ولكن المعالجين المعاصرين الذين يستخدمون العلاج السلوكي المعرفي اكتشفوا مصدرًا أسرع وأسهل للوصول إلى المشاعر والانفعالات، ألا وهو: سلسلة أفكارك الحالية. فقد اتضح لهم مرارًا أن معظم المشاعر المؤلمة يسبقها مباشرة نوع معين من تفسير الأفكار.

على سبيل المثال، هناك شخص تعرفت عليه مؤخرًا قال إنه سيتصل بك هاتفيًا ولم يفعل:

• إذا كان تفسيرك لهذا التصرف هو أنه “لا يحبك على الرغم من كل شيء”، فستشعر بالحزن والرفض.
• أما إذا فسرت سبب عدم اتصاله على أنه “ربما وقع له حادث”، فسوف تشعر بالقلق عليه وعلى سلامته.
• وأما إذا فسرت الأمر قائلًا: “لقد تعمد الكذب عليّ حين قال إنه سيتصل بي”، فقد تشعر بالغضب إزاء كذبه.

إن هذه النظرية البسيطة تمثل جوهر العلاج السلوكي المعرفي والأساس الذي يقوم عليه، ألا وهو: أنك تستطيع أن تغير مشاعرك عن طريق تغيير أفكارك. فعلى مدى الخمس والعشرين سنة الماضية، أثبتت العديد من الدراسات إمكانية تطبيق هذه النظرية البسيطة للتعامل مع العديد من المشكلات والاضطرابات على نحو أسرع وأسهل من أي تقنية علاجية أخرى.

تصميم خطتك العلاجية

إن هذا الكتاب ليس من نوعية الكتب التي يجب عليك أن تقرأها من الغلاف إلى الغلاف؛ فالفصل الأول منه وُضِع لمساعدتك على تقييم مشكلتك، ومن ثم الوصول إلى الفصول التي ينبغي عليك قراءتها لحل مشكلتك.

ويحتوي هذا الفصل على اثني عشر بروتوكولًا أساسيًا مختصرًا ستجدها أدناه، وكل بروتوكول يتضمن مجموعة من التقنيات التي ثبتت فعاليتها في علاج مشكلة معينة، مثل: الاكتئاب، أو القلق، أو الخوف المرضي. كما أن هذه البروتوكولات تتبع تسلسلًا محددًا؛ حيث تبدأ بأكثر التقنيات نفعًا أو شمولًا، وتتدرج وصولًا إلى التقنيات الأكثر تخصصًا.

ظهرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب في عام 1981، وكانت بمثابة مقدمة للعلاج المعرفي السلوكي، الذي استخدمه الكثير من القراء والمعالجين على حد سواء، حيث ظهر بأسلوب مبسط وتعليمات تتدرج خطوة بخطوة لحوالي اثنتي عشرة تقنية.

وعلى مدار السنوات الماضية، ظهرت لنا مواطن القصور في هذا الكتاب، أولها أن بعض هذه التقنيات لم تثبت نجاحها خلال الفترة الماضية، حيث أثبتت الدراسات الحديثة أنها أقل فعالية من التقنيات أو التدخلات الجديدة. ثانيًا، أن المعالجين الذين يستخدمون العلاج المعرفي السلوكي طوروا بروتوكولات متعددة الخطوات لعلاج العديد من الاضطرابات، ولكن الإصدار الأول من هذا الكتاب لم يُظهر كيفية الربط بين عدد من التقنيات معًا في خطة علاجية متكاملة لعلاج مشكلات مثل الاكتئاب، أو اضطراب الفزع، أو الغضب.

لقد تم تنقيح هذا الكتاب بشكل كبير في إصداره الثاني والثالث، ليضم مناهج وتغييرات أكثر فعالية تتوافق مع الطب النفسي الحديث. يقدم الكتاب بروتوكولات ذات خطوات متعددة لعلاج العديد من المشكلات الناتجة عن الاضطرابات النفسية والمزاجية. وهذه البروتوكولات موضحة في الفصل الأول، وتعرض لك سلسلة متتابعة من الفصول والتقنيات للتعامل مع كل اضطراب، وهذا يتفق مع الطريقة التي يتم بها استخدام العلاجات السلوكية المعرفية، حيث تتخذ سلسلة من الخطوات لاكتساب المهارات الأساسية للتعامل والتكيف مع مشكلتك.

وقد أضفنا أيضًا فصلًا عن الانتباه في هذا الإصدار، لأن أحدث العلاجات السلوكية تستخدم الانتباه الآن كتقنية أساسية في العلاج. وهناك العديد من الدراسات والأبحاث التي تؤكد فعالية الانتباه في السيطرة على القلق والاكتئاب والضغوط الجسدية.

إن هدفنا أن يتمكن القارئ العادي والمعالج النفسي من استخدام هذا الكتاب. فالقارئ العادي سوف يجد أن كل بروتوكول علاجي مكوّن من خطوات واضحة وسهلة التطبيق، تعد بمثابة أدوات للمساعدة الذاتية. أما بالنسبة للمعالجين، فسوف يجدون في الإصدار الجديد مصدرًا لأفضل الطرق العلاجية الفعالة، ناهيك عن كونه دليلًا للاطلاع المنزلي لمرضاهم.

لقد عكفنا على تأليف هذا الكتاب بوعينا الكامل بصعوبة هذه الحياة. وفي سبيل التكيف معها، اكتسبنا مجموعة من الأدوات والإرشادات العشوائية من الآباء، والأصدقاء، ورؤساء العمل، وغيرهم. بعض هذه الأدوات كان مفيدًا، والبعض الآخر لم يكن على نفس القدر من الفائدة. إن هذا الكتاب يتناول أدوات مجدية وفعالة للتكيف، فهو دليل لتغيير أنماط الاستجابات القديمة، لكي تتمكن في النهاية من السيطرة على حالتك المزاجية وحياتك بشكل عام.

ماثيو ماكا
باتريك فانينج