رواية فلتغفري ‎- تأليف أثير عبد الله النشمي

رواية فلتغفري — أثير عبد الله النشمي: رسالة حب موجعة من عبدالعزيز إلى جمان

مقدمة الرواية

تأتي رواية فلتغفري للأديبة السعودية أثير عبد الله النشمي كامتداد لروايتها السابقة أحببتك أكثر مما ينبغي، ولكن هذه المرة من وجهة نظر مغايرة. إذا كانت الرواية الأولى قد عبرت عن مشاعر جمانة، فإن فلتغفري تضعنا أمام مشاعر عبدالعزيز، الرجل الذي أحب بصدق ولكن أفسده الزمن والخيبات والأخطاء.

بأسلوبها السلس والمشوّق، استطاعت أثير أن تجعل القارئ يلتهم صفحات الرواية في جلسة واحدة، في رحلة عاطفية مشحونة بالألم والحب والندم.

حبكة الرواية

تسرد الرواية الأحداث من وجهة نظر عبدالعزيز، الحبيب الذي أوقع جمانة في شباك حبه، لكنه عجز عن الاحتفاظ بها. عبر ذكريات متقطعة ومواقف حميمة، يكشف عبدالعزيز عن مشاعره الداخلية، عن ضعفه، عن ألمه، وعن صراعه بين الحب والأنانية.

كأن جمانة التي عرفناها في الرواية السابقة لا تزال تتجرع خيبة حبها، لكن هنا نرى أن عبدالعزيز أيضًا لم يخرج سالمًا من هذه العلاقة، بل بقي أسيرًا لندمٍ لا يفارقه وذاكرة لا ترحمه.

كتابة أثير جاءت رشيقة وخفيفة، كما لو أن الكلمات تنساب على لسان عبدالعزيز مباشرة، تتخللها نبرة حزن وتأنيب ضمير لا تخطئه العين.

أسلوب السرد

يمتاز أسلوب أثير عبد الله النشمي في هذه الرواية بـ:

• الترابط والتسلسل: كل حدث يقود إلى آخر بسلاسة، مما يجعل القراءة ممتعة دون انقطاع.

• اللغة العاطفية: استطاعت الكاتبة أن تمزج بين الرقة والألم في نص مفعم بالمشاعر.

• كتابة منطق الرجل: رغم أن الكاتبة أنثى، إلا أنها نجحت إلى حد كبير في التعبير عن صوت الرجل الداخلي، وإن كان يفتقر أحيانًا إلى الجرأة الكاملة التي كان يمكن أن تعمق الصورة أكثر.

صحيح أن الرواية لم تختلف كثيرًا من حيث الجو العام عن رواية أحببتك أكثر مما ينبغي، إذ بقيت في الإطار نفسه من الحزن والخذلان، ولم يغير الحديث من الطرف الآخر مسار القصة أو يمنحها أفقًا جديدًا كما كان متوقعًا، إلا أن التجربة بقيت ثريّة عاطفيًا.

اقتباسات مؤثرة من الرواية

من أجمل لحظات الرواية ما كتبه عبدالعزيز عن لقائه الأول بجمانة:

“سألتكِ يوم ذاك إن كنتِ مسترجلة، أذكر كيف رفعتِ رأسكِ، وكيف سدّدتِ نظرتكِ الحادة تلك كقذيفة من لهب… كانت نظراتكِ شهية رغم حدتها ورغم تحديها. لا أعرف كيف سلبتني بتلك السرعة يا جمان، لا أفهم كيف خلبتِ لبي من أول مرة وقعت فيها عيناي عليكِ.”

كما عبر عن مدى تعلقه بها في مشهد وداعها:

“حينما غادرتِ المقهى يا جمان، قررت أن تكوني لي، لم أكن لأسمح بأن تكوني لغيري أبداً.”

هذه المشاعر الصادقة والمؤلمة رسمت علاقة متأرجحة بين الحب القاتل والندم الأبدي، حيث لا شيء يحيي مثل الحب، ولا شيء يميت مثله.

نقد الرواية

رغم قوة العاطفة وحلاوة السرد، إلا أن هناك بعض الملاحظات:

• التكرار: الرواية كررت بعض المشاعر والمواقف التي تم تناولها سابقًا، مما جعل بعض القراء يشعرون بالملل أو عدم التطور.

• التمسك بالشخصيات القديمة: كان يمكن للكاتبة أن تقدم حكاية حب جديدة بدلًا من إعادة اجترار قصة جمانة وعبدالعزيز.

• الصوت الرجولي الناقص: رغم المحاولة الناجحة غالبًا، إلا أن خجل الكاتبة منع النص من أن يكون صوت رجلٍ كامل بكل عنفه وضعفه الإنساني.

مع ذلك، لا يمكن إنكار أن الرواية تمثل تجربة غنية للمشاعر الإنسانية وتجربة أدبية ذات طابع خاص.