رواية مذكرات طفلة اسمها سعاد ‎PDF تأليف نوال السعداوي

تُعد رواية مذكرات طفلة اسمها سعاد من أبرز أعمال نوال السعداوي التي تناولت فيها مرحلة الطفولة، بكل ما تحمله من براءة وصراعات داخلية مع بيئة مجتمعية محافظة ومكبلة بالقيود.
في هذا العمل الإبداعي، ترسم السعداوي ببراعة ملامح الطفلة “سعاد” التي تبحث عن الحرية والفضول المعرفي وسط عالم يموج بالمحرمات والمخاوف والمعتقدات التقليدية.

الطفولة بين الحرية والقيود

في الرواية، نجد الطفلة سعاد مفعمة بالحياة، تهوى الجري خلف الكرة، وتنبهر بأصوات الشارع وحركة الناس. كانت تحب المشي مع والدها دون خوف من السيارات أو حتى من الموت الذي لم يكن قد وُلد بعد في وعيها الطفولي البريء.

لكن عالم الطفلة النابض بالحيوية سرعان ما يصطدم بجدران العائلة المحافظة، حيث تبدأ رحلة قمع الفضول الطبيعي للطفل:

• يتم تحذيرها من اللعب بعيدًا خوفًا من اللصوص.

• تُخوف بسوداوية الليل والعفاريت.

• تُلقن منذ الصغر بأن الولد أفضل من البنت، حتى أن هذه الفكرة كانت ترددها الفتيات أنفسهن.

اكتشاف العالم من خلال التجارب

من خلال عيني الطفلة سعاد، نتعرف على عالم مليء بالتناقضات.
تشعر بالفضول تجاه الخادمة البسيطة التي أخبرتها ذات يوم أن الجميع أبناء تسعة أشهر، في محاولة بسيطة منها لنفي الفوارق الطبقية.
حين تهرب الخادمة وتعاد بالقوة، يشهد قلب سعاد الصغير أول تجربة مباشرة مع الظلم والعنف.

كما كانت “سعاد” تتلقى سيلًا من الـ”لا” التي تسد أمامها منافذ الاكتشاف:

• لا تلعبي في الماء كي لا تغرقي.

• لا تأكلي من أطعمة الباعة في الشوارع.

• لا تجلسي مع البواب المريض.

• لا تتحدثي مع الغرباء.

ورغم كل هذه التحذيرات، كانت سعاد تملك روح التمرد، فكانت تختار أن تفعل العكس، بدافع حبها الفطري للاستكشاف وعدم الرضوخ للأوامر الجاهزة.

الأسرة والتعليم والتمييز

عاشت سعاد في أسرة أبوية تقليدية؛ رغم أن والدها كان يؤمن بحق جميع أبنائه في التعليم، إلا أن التمييز الجنسي بين الذكور والإناث كان حاضراً بوضوح.
هذا التمييز كان يؤلم سعاد ويثير بداخلها تساؤلات عديدة عن العدالة والمساواة.

ولم يتوقف التمييز عند حدود الأسرة فقط، بل كان التعليم المدرسي ذاته أداة لغرس قيم سلبية:

• فرض الطاعة العمياء على الأطفال.

• تعليم العنف والعنصرية.

• محاربة الفضول وحب الاستطلاع.

• تشجيع النفاق الاجتماعي.

كانت سعاد ترفض كل ذلك، مدفوعة بروح حرة تسعى إلى طرح الأسئلة، والبحث عن الحقيقة، والتعبير عن مشاعرها بلا خوف.

الكتابة ملاذ سعاد

أمام هذا الواقع الذي يخنق الطفولة ويكبت الروح الحرة، وجدت سعاد ضالتها في الكتابة.
تحولت الكتابة بالنسبة لها إلى وسيلة بديلة للتنفيس عن قلقها وأسئلتها وخوفها، ولتحقيق الذات في عالم لا يمنح الأطفال مساحة كافية ليكونوا على طبيعتهم.

لماذا تقرأ رواية “مذكرات طفلة اسمها سعاد”؟

• نافذة على الطفولة المقموعة: تكشف الرواية عن تجربة الطفولة في مجتمعات تهيمن عليها السلطة الأبوية والمفاهيم التقليدية.

• تحليل اجتماعي دقيق: تنفذ نوال السعداوي ببصيرتها النافذة إلى عمق الأمراض الاجتماعية التي تنشأ من تربية الأطفال بطريقة خاطئة.

• أسلوب أدبي ممتع: كتبت الرواية بلغة سلسة وعذبة تجعل القارئ يعيش مع الطفلة سعاد تفاصيل يومياتها بكل براءتها وتمردها.

• رسالة أمل وتمرد: تدعو الرواية إلى إطلاق العنان للطفل في داخلك، للبحث عن الحرية، وعدم الرضوخ للقيود المفروضة باسم العادات أو الخوف.

اقتباس معبر من الرواية

“كنت أمشي خلف أبي دون أن أخاف من السيارات، كنت لا أعرف أن هناك شيئًا اسمه الموت، وكانت كلمة لا لا تفارق أذني، لا تجري بعيدًا، لا تلعبي مع الغرباء، لا تأكلي من يد الباعة، ومع ذلك كنت أركض وألعب وأضحك كأنني أملك العالم كله.”

بهذه الرواية العميقة، تؤكد نوال السعداوي مرة أخرى مكانتها كأحد الأصوات النسوية الرائدة التي وقفت بكل جرأة في وجه العادات الاجتماعية الظالمة، ووضعت الطفولة والحرية الإنسانية في قلب معركتها الفكرية.