كتاب أشهر 10 خرافات حول التطور PDF تأليف كاميرون سميث – تشارلز سوليفان

هذا الكتاب المشوّق للقراءة، والمحرر بلغة سلسة بعيدة عن المصطلحات المعقدة، موجّه بالأساس للذين لا يمتلكون أية معرفة رصينة حول حقيقة التطور، وكذلك للذين ينتابهم الشك أحيانًا فيما إذا كان التطور صحيحًا أم لا، نتيجة للهجمات المتعمدة والمقصودة من بعض الأجندات المعادية للعلوم، والتي تسعى لتشويه التطور حصرًا وبأي شكل من الأشكال (كأتباع الخلقية، وأنصار التصميم الذكي، وأصحاب العقائد الدينية المنغلقة).

أما إن كنت على دراية كاملة بأساسيات التطور، وكنت تبحث عن مجموعة من المناقشات والحجج – في الغالب فلسفية – فحتماً ستجد ضالتك هنا. حيث سيزوّدك هذا الكتاب بمجموعة من الأسلحة الفكرية المتكاملة التي ستحميك من كل الخرافات والأساطير والقصص الشعبية المتوطنة والمترسخة بيئيًا في وعينا البشري حول النظام في الطبيعة، وحول سلسلة الوجود العظمى الأرسطية، والداروينية الاجتماعية، والارتقائية نحو البشر، وبعض القواعد الأخلاقية الصائبة والخاطئة، وأصول بعض السلوكيات البشرية.

وللجميع أقول: أنتم على وشك بدء رحلة استكشافية لمعرفة عِلّة وجودنا؛ حقيقة التطور بالطبع. هذه العِلّة التي بقيت تؤرق قلة من البشر، في حين أن الغالبية كانت ترضى بالإجابة الجاهزة. وقد تتساءلون هنا: ما فائدة معرفة عِلّة الوجود في زمن أصبحنا فيه على أعتاب ما بعد الإنسانية؟ فنحن قد اكتشفنا بوزون هيغز ورصدنا موجات الجاذبية، ونحن في زمن أصبح فيه أي إنسان قادرًا على الولوج إلى الخريطة الجينية لجسمه بالكامل! نحن في زمن أصبح فيه تخزين ما كان يتم تخزينه في غرف عملاقة مكيّفة يتم الآن في شريحة لا تتعدى بضعة مليمترات. إذن، لماذا نعود إلى الوراء ونبحث في أصولنا، بينما المستقبل يقبع أمامنا؟!

في الواقع، إن العودة للأصول لا تقل عن كونها إعادة هيكلة للجنس البشري بكامله. حقيقة التطور مهّدت لتطوير علوم حديثة كثيرة، بدءًا من الطب والصيدلة وطرق اكتشاف وتصنيع اللقاحات والمضادات الحيوية، وصولًا إلى رسم الخوارزميات التطورية المعقدة. ولو بقيت أعدد استخدامات التطور في العلم الحديث، لاحتجت إلى صفحات عديدة.

لكن هذا الأمر قد لا يكون ملهمًا لكم، لذا سأنتقل إلى الجانب الآخر، ألا وهو إشباع الفضول البشري، ومساواته ببيئته التي نشأ فيها. فحقيقة التطور مهّدت لأمور اجتماعية كثيرة، أهمها إعادة التواضع للجنس البشري، الذي اعتقد طويلًا بأنه مميز بطريقة ما أكثر من الكائنات المحيطة به. حقيقة التطور أزاحت الغرور البشري وأعادت الإنسان إلى مكانته الحقيقية على شجرة الحياة، فضلًا عن تفسير العديد من السلوكيات البشرية على أساس تطوري.

نظرية التطور لها مستقبل كبير بلا أدنى شك، وللأسف الشديد، فإنها تبقى مشوّهة في بعض المجتمعات، خصوصًا في عالمنا العربي، بسبب تعارضها مع أيديولوجيات ومفاهيم قد تأصلت في المجتمع. ونتيجة لذلك، نتج عن هذا التشويه نقص كبير في المصادر العربية التي تعنى بهذه النظرية. لذا، أتمنى أن يحمل هذا الكتاب رسالتين؛ الأولى: أن نظرية التطور حقيقة علمية وليس هناك أي جدل في ذلك كما يشاع لدينا، وأن لها مستقبلًا واعدًا، وإن لم نلحق به، فسنُعتبر بالنسبة إلى بشر المستقبل كما لو كنا من سكان الكهوف.

أما الرسالة الثانية، والأهم بالنسبة لي شخصيًا، فهي أن العلوم لا تقاس بمقياس الأفكار الشعبية المتأصلة، أو بأي رأي أو وجهة نظر قد تعارض ما هو علمي وواقعي. فالعلم هو العلم، لا يهتم بالمشاعر أو الأيديولوجيات، إنما هو سلسلة من الحقائق، وإن اتبعناها، انتقلنا إلى الخطوة التالية في تطوير المجتمعات وفهم الطبيعة البشرية.

لنبدأ الآن بنشر الوعي والاهتمام بهذه القضية المعرفية المهمة، لأن نظرية التطور هي التفسير العلمي الوحيد للتنوع الحيوي في عالمنا. لذا، ينبغي أن تُدرّس في المدارس الابتدائية، وصولًا إلى المراحل المتقدمة في الجامعات. وما نأمله من إتاحة هذه الترجمة هو فائدة الجميع، بدءًا من طلاب المدارس، مرورًا بطلاب الجامعات، ووصولًا إلى العلماء المتخصصين.