كتاب الأبعاد الإقتصادية لتداول الأموال دراسة تأصيلية تطبيقية من منظور الاقتصاد PDF تأليف أحمد أنور عثمان عبد الله

لقد جاءت شريعة الإسلام لتنظيم الحياة وحفظ الضرورات الأساسية، التي تشمل الدين، النفس، العرض، العقل، والمال. ومن بين هذه الضرورات، فقد أولى العلماء اهتمامًا خاصًا بالمقصد المتعلق بالمال، والذي ساهم في ظهور علم الاقتصاد الإسلامي. ويعرف هذا العلم بأنه: “علم إدارة الثروة والدخل والتصرف بهما، إنفاقًا واستثمارًا وفقًا للقواعد المستمدة من الدين والعقل”. ويتكون علم الاقتصاد الإسلامي من ستة أركان رئيسية، هي: الملكية المقيدة، الحرية الاقتصادية، الإنتاج، التبادل، الاستهلاك، والتوزيع وإعادة التوزيع.

أهمية الدراسة: تكمن أهمية هذه الدراسة في تقديم فكرة شاملة حول أحد الأركان الأساسية لعلم الاقتصاد الإسلامي، وهو ركن توزيع الأموال والثروات وإعادة توزيعها. يحتوي هذا الركن على العديد من القواعد والمبادئ الاقتصادية المؤثرة في النشاط الاقتصادي، ومدى انعكاس هذه المبادئ في الواقع المعاصر. تسعى هذه الدراسة إلى دمج الجانب النظري مع الجانب التطبيقي لتحقيق فهم شامل لآلية تداول الأموال في الإسلام.

مشكلة الدراسة وأسئلتها: تتمحور مشكلة هذه الدراسة حول مدى قدرة النظام الاقتصادي الإسلامي على الحد من التفاوت الاقتصادي بين طبقات المجتمع، عبر مبدأ تداول الأموال، المستمد من الآية الكريمة: “لِكَي لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ”. ويمكن طرح الأسئلة التالية:

1. إذا كان مفهوم “الفيء” قد تغيّر في زماننا، هل تتعطل الآيات التي تتحدث عن الفيء أم أن لها معاني ومقاصد أخرى؟
2. هل نجح النظام الاقتصادي الإسلامي في تطبيق مبدأ تداول الأموال وإعادة توزيعها بين طبقات المجتمع؟
3. ما الطرق التي استخدمها النظام الاقتصادي الإسلامي لتطبيق مبدأ تداول الأموال وإعادة توزيعها بين طبقات المجتمع؟

أسباب اختيار الدراسة: توجد عدة أسباب لاختيار هذه الدراسة، أبرزها:

1. انتشار المفاهيم الخاطئة حول الآية الكريمة، مثل القول بتعطيلها بسبب غياب الفيء في العصر الحالي.
2. وجود خلل في تداول الأموال على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، مما يؤثر سلبًا على الوظيفة الاجتماعية والاقتصادية لهذا التداول.
3. تأخر بعض الإدارات الحكومية والخاصة وبعض أفراد المجتمع في عدد من دول العالم العربي والإسلامي عن تطبيق مبادئ الاقتصاد الإسلامي بشكل عام، وعن مبدأ تداول الأموال بشكل خاص.

الدراسات السابقة: تم تناول موضوع الآية الكريمة في العديد من الدراسات السابقة، إلا أن معظمها لم يتناول بالبحث مبدأ تداول الأموال وإعادة توزيعها بشكل منفصل. ومن بين الدراسات السابقة:

1. كتاب “المال في الإسلام في عهد عمر بن الخطاب ومقارنته بالأنظمة الحديثة” للباحث عبد الله العدي، والذي تناول مسائل مالية في عهد عمر بن الخطاب مثل الخراج والجزية، ولكنه لم يتطرق بشكل مفصل إلى مبدأ تداول الأموال.
2. كتاب “نظرية التوزيع في الاقتصاد الإسلامي” للدكتور رفعت العلي، والذي درس نظرية التوزيع في الاقتصاد الوضعي من منظور الاقتصاد الإسلامي، ولكن لم يتناول الآية الكريمة بشكل منفصل.
3. كتاب “نظرات اقتصادية في القرآن الكريم” للدكتور شوقي أمد دني، والذي ناقش الهدي القرآني في معالجة القضايا الاقتصادية دون التوسع في تفسير الآية الكريمة.
4. كتاب “اشتراكية الإسلام” للدكتور مصطفى حني السباتي، الذي تناول كيفية معالجة الإسلام للمشكلات الاجتماعية، ولكن لم يتناول مبدأ تداول الأموال وإعادة توزيعها بشكل منفصل.

الجديد في الدراسة: تكمن الإضافة الجديدة في هذه الدراسة في تحليل الآية الكريمة بشكل منفصل، مع التركيز على بعديها الاقتصادي والتطبيقي المعاصر. تهدف الدراسة إلى ربط التأصيل الإسلامي بالتطبيق المعاصر لمفهوم تداول الأموال وإعادة توزيعها.

أهداف الدراسة: تهدف هذه الدراسة إلى:

1. بيان أهمية الآية الكريمة اقتصاديًا، خصوصًا فيما يتعلق بتقليص الفجوة بين الطبقات العليا والدنيا، وهو مبدأ أساسي لمعالجة هذه القضية في الاقتصاد الإسلامي.
2. دراسة واقع تداول الأموال في عصر الخلافة الراشدة في القطاعين العام والخاص، ومقارنته بالواقع الحالي في دولة الإمارات العربية المتحدة، مع اقتراح الطرق لتحسين هذه الممارسات.
3. استنباط الفوائد من سياسة يوسف عليه السلام مع الملك في رؤيا البقرات السبع، وفعل عمر بن الخطاب في قسمة الفيء.
4. تحليل النتائج الإيجابية لتطبيق هذه الآية في الواقع، سواء على المدى القريب أو البعيد.
5. ترسيخ قيم هذه الآية التي تمثل أحد أهم مميزات الاقتصاد الإسلامي مقارنة بالأنظمة الاقتصادية الأخرى مثل الاشتراكية والرأسمالية.