كتاب التداولية والحجاج مداخل ونصوص PDF تأليف صابر الحباشة …
وصف وملخص الكتاب :
يتناول هذا البحث منزلة الحجاج في التداولية، بوصفه أحد أهم أركان التداولية إلى جانب نظرية الأعمال اللغوية. وقد مهَّدنا للحديث عن الحجاج في التداولية بتعريف “البلاغة الجديدة” تعريفًا يميزها عن “البلاغة الحديثة”. كما يهتم البحث بموقع النظريات الدلالية ذات التوجه المنطقي اللساني ضمن التيار التداولي، وذلك بالتركيز على بعض إسهامات أوزفالد ديكرو في هذا المجال.
1- البلاغة الجديدة:
تعرف البلاغة الجديدة بأنها نظرية الحجاج التي تهدف إلى دراسة التقنيات الخطابية، وتسعى إلى إثارة النفوس وكسب العقول عبر عرض الحجج. كما تهتم البلاغة الجديدة أيضًا بالشروط التي تسمح للحجاج بأن ينشأ في الخطاب ثم يتطور، كما تفحص الآثار الناجمة عن ذلك التطور.
هذا التعريف يبين إلى أي مدى تمثل البلاغة الجديدة استمرارًا للبلاغة الكلاسيكية، وإلى أي مدى تختلف عنها في التقاليد الغربية. وربما ينسحب ذلك على مسار البلاغة العربية بوجه من الوجوه. إن البلاغة الجديدة تواصل بلاغة أرسطو من حيث توجهها إلى جميع أنواع السامعين. إنها تحتضن ما يسميه القدامى “فن الجدل” (طريقة النقاش والحوار عبر الأسئلة والأجوبة، المهتمة خاصة بالمسائل الظنية)، وهو ما حلله أرسطو في كتابه “الطوبيقا”، الذي يعرض التفكير الذي وسمه أرسطو بالجدلي، ويميزه عن التفكير التحليلي للمنطق الصوري.
وقد سميت هذه النظرية “البلاغة الجديدة” لأن أرسطو، ورغم الصلة التي يعقدها بين البلاغة والجدل، طوَّر البلاغة فقط على أساس المستمعين / المخاطبين.
فضلًا عن ذلك، ينبغي الإشارة إلى تعارض البلاغة الجديدة مع تقليد البلاغة الحديثة، وهي بلاغة أدبية صرفة، من الأفضل أن تدعى “أسلوبية”. إذ تختزل البلاغة الحديثة في دراسة الوجوه الأسلوبية، بينما البلاغة الجديدة، على العكس من ذلك، غير معنية بشكل الخطاب من أجل الزخرفة أو القيمة الجمالية، بل بوصفه وسيلة للإقناع، وخاصة وسيلة للإبداع، أي “الحضور” (أي جلب أشياء إلى ذهن السامع ليست حاضرة في ذلك الحين)، وذلك عبر تقنيات التمثيل.
2- التداولية والحجاج
إن أخذ الحجاج في الاعتبار في الدراسات التداولية يُعَدُّ خصيصةً تميز السنوات الثمانين من القرن العشرين، وهو ما تشهد عليه البيبليوغرافيا والمفاهيم المتداولة. إذ يجمع جون بليز غرايس بين المنطق والحجاج، أما روبار مارتان فيُدمِج مفهوم “ممكن الوقوع” في نظريته الدلالية. وقد عاد أوزفالد ديكرو أخيرًا إلى مفهوم “المواضع” لوصف آليات اللغة الحجاجية.
هذا التفاعل بين البحث التداولي والبحث البلاغي، لا سيما فيما يتعلق بالحجاج، أدى بنا إلى اقتراح عرض الاتجاهات الأساسية لدراسة الحجاج في البحوث التداولية. واختياراتنا من بين مختلف النظريات التداولية تستجيب لهاجس التنظيم المنهجي للأبحاث، وإن طبيعة علاقتها بالحجاج هي التي حددت نظام تقديم النظريات المختلفة. لذلك، فإن عرضنا – الذي لا يطمح أبدًا إلى أن يكون استقصائيًا – لا يراعي الترتيب الزمني لنشأة النظريات، ولكنه يستجيب لنظام منطقي قابل للتحليل حسب ثلاث منظورات كبرى: منطقي، ولغوي، ومحادثي.
2.1- المنظور المنطقي:
يرى هذا المنظور ضرورة اعتماد منطق خاص باللغات الطبيعية، وتجسد هذا التوجه في نظريتين أساسيتين:
(أ) اللسانيات النفسية المعرفية، التي تبحث – عبر تحليل الخطاب والمحادثة – في إنشاء منطق للتفكير في اللغة الطبيعية. وقد طوَّر هذا التوجه كل من جورج فينيو، وجون بليز غرايس، وفريديريك ناف. لكن مفهوم “التضمين” كما حدده بول غرايس يُعد سمة قارة في هذه الأبحاث.
يقصد غرايس بالتضمين إجراءً استدلاليًا يقوم به المخاطب لفهم المعنى الضمني للمتكلم، بالاعتماد على مبادئ المحادثة، مثل قاعدة الكمية (قول كل ما هو ضروري) أو قاعدة الاستقصاء (قول كل ما نعرفه).
ويُعد هذا التأويل عملية استدلال قياسي، حيث تمثل قواعد المحادثة مقدمات صغرى في القياس المنطقي، مما يجعل التضمين آلية استنتاجية ذات طابع حجاجي.
(ب) علم الدلالة المنطقي لروبار مارتان، الذي يسعى إلى تكييف المنطق مع الحوارات اللغوية، انطلاقًا من إعادة تشكيل مفهوم الحقيقة بناءً على العلاقة بين الجمل.
وقد ركز مارتان على مفهوم “ممكن الوقوع”، حيث يتم تأويل المعنى في اللغات الطبيعية ضمن “عالم الاعتقاد”، وهو مجموعة القضايا التي يعتبرها المتكلم صحيحة أو يسعى إلى تصديقها لحظة الكلام.
ويُعد هذا المفهوم امتدادًا لمواضع أرسطو الحجاجية، حيث يقوم الخطاب الحواري بإنتاج عالم اعتقاد جديد لدى المخاطب، قد يكون مطابقًا أو معارضًا أو مختلفًا تمامًا عن العالم الأصلي.
2.2- المنظور اللغوي:
يتبلور هذا المنظور في أبحاث أوزفالد ديكرو حول الحجاج في اللغة. وعلى عكس المنظور السابق، فإن البنى الحجاجية ليست ذات طبيعة منطقية، وإنما لغوية بحتة، حيث إن اللغة تحتوي في بنيتها على معلومات حجاجية تُوجِّه عملية الاستنتاج داخل الخطاب.
فالملفوظات تمتلك “قطبية حجاجية”، أي قدرة على توجيه المتلقي نحو استنتاج معين، ومنعه في الوقت ذاته من الوصول إلى الاستنتاج المضاد. وقد أكد ديكرو وجون كلود أنسكمبر على أن هذه القطبية الحجاجية ليست عنصرًا إضافيًا داخل الخطاب، وإنما هي جزء أصيل من البنية اللغوية ذاتها، حيث يُعد الحجاج الأساس الذي يقوم عليه المعنى وتأويله في الخطاب.
“إننا نريد أن نصل إلى القول إن الإخبارية الواقعية تُعد من الدرجة الثانية مقارنةً بالحجاجية. فالزعم بوصف الحقيقة قد لا يكون إذن إلا قناعًا لزعم أكثر جوهرية، يتمثل في ممارسة ضغط على آراء الآخر.”
كتب أخرى للمؤلف : صابر الحباشة
اقتباسات من كتاب التداولية والحجاج مداخل ونصوص PDF تأليف صابر الحباشة

تحميل كتاب التداولية والحجاج مداخل ونصوص PDF تأليف صابر الحباشة
للحصول على الكتاب: اضـغـط هــنا
📢 ما رأيك في هذا الكتاب؟ شاركنا تجربتك في التعليقات، واقترح علينا كتبًا أخرى تود منا نشرها!
يسرّنا في موقع المكتبة نت أن نوضح لكم بعض النقاط الهامة:
- مصادر الكتب: نقوم بتوفير الكتب من منصات الإنترنت المختلفة مثل موقع Archive و Scribd وغيرها من المواقع المتخصصة.
- المحتوى: نحن لا نتحمل مسؤولية الآراء أو الأفكار الواردة في الكتب التي نقوم بنشرها.
- الملكية الفكرية: جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلفين. في حال وجود أي مشكلة تتعلق بالحقوق، نرجو منكم التواصل معنا مباشرة.
يسعدنا تواصلكم معنا عبر أحد الوسائل التالية:
- صفحة حقوق الملكية
- صفحة حول المكتبة نت
- البريد الإلكتروني: [email protected]
- كروب الفيسبوك: [الفيسبوك]
- قناة التلغرام: [التلغرام]
لا تترددوا في التواصل معنا لأي استفسار أو ملاحظة!