كتاب الحداثة وما بعد الحداثة – تأليف عبد الوهاب المسيري …
كتاب الحداثة وما بعد الحداثة – عبد الوهاب المسيري قراءة في أزمة القيم الغربية ومآلات الحضارة الحديثة
ما مدى صدقية القيم التي بنتها الحداثة الغربية؟
هل فعلاً تجاوزت الحضارة الغربية مرحلة الإبداع إلى مرحلة الإفلاس الروحي؟
وهل ما بعد الحداثة هو مشروع تحرر أم انهيار شامل للمعنى؟
في كتابه العميق الحداثة وما بعد الحداثة، يخوض الدكتور عبد الوهاب المسيري رحلة فكرية شاقة، لكنها ممتعة ومثيرة للتأمل، في نقد الحداثة الغربية وتفكيك أطروحات ما بعد الحداثة، مستعرضًا تأثير هذه التحولات الفلسفية والاجتماعية على مصير الإنسان المعاصر وهويته وقيمه.
بين الحداثة وما بعدها: محاولة تأويلية استشرافية
بعيدًا عن الأسلوب الأكاديمي التقليدي الذي يُعرّف المفاهيم أو يُبسّطها للقارئ، اختار المسيري أن يقدم كتابه كـ”محاولة تأويلية تنبؤية”، يستعرض من خلالها ما بعد الحداثة بوصفها تطورًا حتميًا – وربما مأساويًا – عن قيم الحداثة الغربية نفسها.
فهو لا يكتفي فقط بالتفكيك أو النقد، بل يتجاوز ذلك إلى تحليل المآلات المستقبلية للحداثة ومشروعها الفلسفي، متسائلًا بجرأة: إلى أين تتجه الحضارة الغربية اليوم؟ وماذا يعني ذلك بالنسبة للإنسان، والمجتمع، والدين، وحتى الأخلاق؟
رأيان في حوار فكري حاد
يُبنى الكتاب على رأيين متقابلين في حوار غير مباشر.
الرأي الأول يقدمه الدكتور عبد الوهاب المسيري، وينطلق من موقف نقدي حاد تجاه الحداثة الغربية بوصفها منظومة قامت على مركزية الإنسان المادي وإنكار الغيبيات، وهو ما يعتبره المؤلف جذورًا لما بعد الحداثة التي تمادت في تسييل القيم، وتفريغ المعنى، وتحويل الإنسان إلى وسيلة استهلاكية في ظل الرأسمالية الشاملة.
أما الرأي الثاني فيُقدّم من خلال عرض مفصل لأفكار فلاسفة ما بعد الحداثة مثل جاك دريدا وميشيل فوكو، وهما رمزان أساسيان للمرحلة الفكرية التي أطاحت بالثوابت والمرجعيات الكبرى، ودعت إلى تفكيك الخطابات، وإعادة النظر في كل أشكال السلطة، والمعنى، والهوية.
دريدا، فوكو، والرأسمالية السائلة
أفرد المسيري مساحة واسعة لمناقشة أفكار دريدا وخاصة مفهومه الشهير “التقويض” (Deconstruction)، الذي يرى فيه المسيري بداية انهيار المعنى، وانطلاق مرحلة ما بعد الحداثة، حيث لم يعد للغة أو النص مرجعية ثابتة، بل أصبح المعنى عدميًا، ومفتوحًا، وقابلاً للتفكيك إلى ما لا نهاية.
أما فوكو، فقد تناول المسيري نقده للسلطة والمعرفة، واهتمامه بسلوكيات الإنسان اليومية باعتبارها امتدادًا لأجهزة السيطرة، لكنه يوضح كيف أن هذا النقد، رغم جرأته، انتهى به إلى تبرير انعدام المعايير، وإضفاء الشرعية على التفكيك دون بديل أخلاقي أو إنساني.
وفي نهاية تحليله، يصل المسيري إلى نتيجة مقلقة: وهي أن ما بعد الحداثة لم تكن سوى امتداد للرأسمالية الغربية، ولكن بشكل أكثر تطرفًا. حيث تم تفريغ كل شيء من مضمونه وتحويله إلى سلعة، بما في ذلك الإنسان نفسه، الذي بات يُنظر إليه كـ”وسيلة”، لا كغاية أخلاقية أو روحانية.
أزمة الإنسان المعاصر في ظل المادية الغربية
يؤكد الدكتور المسيري أن القيم الغربية الحديثة، في مرحلتي الحداثة وما بعدها، أنتجت إنسانًا منفصلاً عن الغيب، مغتربًا عن ذاته، غارقًا في النسبية والانفلات القيمي. فالإنسان ما بعد الحداثي، في تصور المسيري، لم يعد يسعى للمعنى أو الحكمة، بل يلهث خلف اللذة الفورية، والمتعة الفردية، تحت سيطرة إعلام رأسمالي ضخم يُعيد تشكيل وعيه باستمرار.
ويحذر المسيري من أن هذا التحول لا يمس الغرب فقط، بل يمتد تأثيره إلى العالم كله، بما فيه العالم العربي والإسلامي، من خلال تغريب المفاهيم، وإضعاف المرجعيات الدينية، ونشر ثقافة التفكيك والاستهلاك بوصفها “الحداثة الجديدة”.
كتاب للمفكرين وصنّاع المستقبل
الحداثة وما بعد الحداثة ليس كتابًا للمبتدئين فحسب، بل هو مرجع لكل من يهتم بالفكر المعاصر، وتطوراته، وانعكاساته على الإنسان.
يناسب طلاب الفلسفة والاجتماع والأنثروبولوجيا، وكذلك المربين والمثقفين الذين يبحثون عن فهم أعمق لأزمات الإنسان الحديث، بعيدًا عن التنميط الغربي السائد.
معلومات الكتاب
-
العنوان: الحداثة وما بعد الحداثة
-
المؤلف: الدكتور عبد الوهاب المسيري
-
النوع: فكر، فلسفة، نقد حضاري
-
عدد الصفحات: 184 صفحة
-
الناشر: دار الفكر – دمشق
-
التقييم العام: ★★★★★
كتب أخرى للمؤلف : عبد الوهاب المسيري
👤 من هو عبد الوهاب المسيري؟
عبد الوهاب محمد المسيري (1938 – 2008) هو مفكر ومؤرخ وعالم اجتماع مصري مسلم. يُعرف بكونه أحد أبرز المفكرين العرب في النصف الثاني من القرن العشرين، وقد تميز برؤيته النقدية تجاه الحداثة الغربية ومفاهيمها الكبرى، ومن بينها العلمانية، العولمة، والتشيّؤ.
من أشهر أعماله:
-
موسوعته الضخمة “اليهود واليهودية والصهيونية“، التي تعد من أضخم الموسوعات الفكرية في العالم العربي، وتقدم رؤية تحليلية مغايرة لليهودية والصهيونية، تجمع بين المعرفة الأكاديمية والرؤية النقدية.
وقد نال المسيري إشادة واسعة في الأوساط الفكرية العربية، رغم وجود بعض الآراء الناقدة له، خاصة في ما يتعلق برؤيته للظاهرة اليهودية، حيث اتهمه البعض بالتحيّز، فيما رآه آخرون باحثًا موضوعيًا تجاوز الأحكام الجاهزة.
اقتباسات من كتاب الحداثة وما بعد الحداثة – تأليف عبد الوهاب المسيري
تحميل كتاب الحداثة وما بعد الحداثة – تأليف عبد الوهاب المسيري
للحصول على الكتاب : الحداثة وما بعد الحداثة
📢 ما رأيك في هذا الكتاب؟ شاركنا تجربتك في التعليقات، واقترح علينا كتبًا أخرى تود منا نشرها!
يسرّنا في موقع المكتبة نت أن نوضح لكم بعض النقاط الهامة:
- مصادر الكتب: نقوم بتوفير الكتب من منصات الإنترنت المختلفة مثل موقع Archive و Scribd وغيرها من المواقع المتخصصة.
- المحتوى: نحن لا نتحمل مسؤولية الآراء أو الأفكار الواردة في الكتب التي نقوم بنشرها.
- الملكية الفكرية: جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلفين. في حال وجود أي مشكلة تتعلق بالحقوق، نرجو منكم التواصل معنا مباشرة.
يسعدنا تواصلكم معنا عبر أحد الوسائل التالية:
- صفحة حقوق الملكية
- صفحة حول المكتبة نت
- البريد الإلكتروني: [email protected]
- كروب الفيسبوك: [الفيسبوك]
- قناة التلغرام: [التلغرام]
لا تترددوا في التواصل معنا لأي استفسار أو ملاحظة!
