كتاب الشخصية الزئبقية جذورها وخفاياها PDF تأليف نبيل راغب …
وصف ومراجعة الكتاب :
لم تحظَ الشخصية الزئبقية من قبل بدراسة تحليلية وتشريحية لجوانبها المختلفة والمتعددة والمتغيرة والمتلونة والمتناقضة، بل كان الكتاب والدراسون يمرون عليها مرّ الكرام عند تعليلهم لظاهرة النفاق في المجتمع. بل إنهم لم يستخدموا هذا المصطلح “الشخصية الزئبقية” الذي يُستخدم في هذه الدراسة لأول مرة، وكانوا يستعيضون عنه بمصطلحات مثل “الشخصية الانتهازية” أو “المتملقة” أو “المتسلقة” أو “المنافقة”. لكننا وجدنا أن الزئبقية مصطلحًا أو مفهومًا أشمل، لأنها تكاد أن تكون منظومة متكاملة تشمل جوانبها الإيجابية والسلبية، التاريخية والاجتماعية، السياسية والفكرية، المهنية والنسائية.
فهي ليست طبقة اجتماعية ولا فئة مهنية ولا تشكل أي قطاع محدد من المجتمع. إنها مزيج من كل الطبقات وجميع المهن، لأنها غير قاصرة على طبقة معينة أو مهنة معينة، بل يمكن أن تترشح من جميع فئات المجتمع، وأن تخرج من جميع التوجهات الفكرية والمذاهب والعقائد والأحزاب السياسية.
إن الشيء الذي يجمعها وينظمها ليس انتسابها إلى طبقة أو مهنة أو حزب، بل مصالحها الذاتية وأهدافها الخفية. أي أنها ظاهرة فردية وصفة تخص التكوين الأخلاقي للفرد. صحيح أن الأفراد الذين تتجلّى فيهم هذه الصفة الشخصية يمكن أن يتجمعوا في شكل هيئة أو حزب أو تكتل، ولكن ذلك لا يجعل منهم طبقة اجتماعية أو تكتلًا مهنيًا أو فئة عقائدية، فهم مجرد تجمع مؤقت عابر تقتضيه الظروف.
وقد تم اشتقاق مصطلح “الشخصية الزئبقية” من اللقب الذي أطلقه بطل السيرة الشعبية المعروفة “عل الزيبق”، لأنه كان رمزًا للقدرة الفائقة على المراوغة والمرونة والتأقلم والتكيف واستيعاب المتغيرات، بالإضافة طبعًا إلى الدهاء والمكر والحيلة والخداع. ونظرًا لإعجاب الشعب المصري بهذا البطل الشعبي الزئبقي وشخصيته المراوغة في مواجهة الحاكم، ونظرًا لأنه جسّد الخاصية التي تسلّح بها الشعب المصري عبر عصور طويلة ومتتابعة من القهر والطغيان والخوف والاستبداد، فقد وجدنا أن لقبه “الزيبق” خير معبر عن هذا الجانب في الشخصية المصرية بصفة خاصة والشخصية الإنسانية بصفة عامة عبر التاريخ.
هذا الجانب بإيجابياته وسلبياته تبلور عبر آلاف السنين نتيجة لوقوع مصر في ملتقى حضارات وإمبراطوريات العالم. فقد وجد الإنسان المصري كيانه في مهبّ غزوات من الجهات الأربع: الشرق والغرب والشمال والجنوب. وكان عليه أن يواصل الحياة بأية وسيلة لحين انقشاع الغمة، مستخدمًا كل الوسائل المتاحة للتخلص منها، رغم وقوعه تحت وطأة الحاكم الأجنبي وتهديده المستمر بالبطش به. ونظرًا لاستحالة المواجهة المباشرة مع الحاكم الأجنبي في كثير من الأحيان، فقد كانت الزئبقية خير وسيلة للحفاظ على الذات القومية لحين حلول لحظة المواجهة الحاسمة المباشرة.
أي أن الزئبقية كانت نوعًا من المواجهة غير المباشرة أو مرحلة من الكمون الإيجابي الذي يشحن الطاقات ويراقب التفاعلات، ويتحين الفرص حتى لا يخوض معركة تبدو خسارتها في الأفق حتمية، خاصة وأن توقعاتها المستقبلية كانت متشائمة لأنها تتوقع الشر دائمًا، ولذلك فهي في حالة استنفار خفي ودفاع عن نفسها بطريقة مسبقة، لكنها تنقض على عدوها في الوقت المناسب.
هذا عن الزئبقية الإيجابية التي تناولناها بالتحليل والتشريح والتفسير في الفصل الثاني من هذه الدراسة، أما عن الزئبقية السلبية فقد أفردنا لها الفصل الثالث عن الزئبقية الفكرية، والفصل الرابع عن الزئبقية السياسية، والفصل الخامس عن الزئبقية المهنية، والفصل السادس عن الزئبقية النسائية. وهي الزئبقية التي تتجنب الموضوعية قدر الإمكان حفاظًا على تحقيق الأهداف الذاتية. فالشخصية الزئبقية لا تعرف سوى الانتصار لذاتها ومصلحتها. وتعوّض ضعفها ونقصها بخداع الآخرين ونفاقهم، وبالتالي فهي تفترض فيهم الغباء والدونية. أي أنها ماكرة وخبيثة لكنها غبية في بعض الأحيان خاصة عندما تتصور الآخرين عاجزين عن تقمص نفس الخواص الزئبقية.
ولعل تصورها هذا راجع إلى أنها شخصية متشرنقة تحيط نفسها بقشرة سميكة لا تسمح للآخرين بمعرفة أهدافها، في حين أنها حريصة جدًا على معرفة ما يدور في داخل الآخرين.
وإذا كانت الزئبقية قد شكلت حبل نجاة للشعب المصري في كثير من الأحيان، إلا أنها لم تكن خيرًا كلها، إذ أن كفة سلبياتها ترجح كفة إيجابياتها. فهي إذا كانت ضرورية في عصور القهر والبطش والطغيان والديكتاتورية للحفاظ على الكيان الإنساني، فإنها تتحول إلى عقبة كأداء في عصر الحرية والديمقراطية التي تقتضي الانفتاح الفكري، وابتكار الآراء، وتبادل الأفكار دون حجر عليها أو خوف من عقاب أو بطش.
فليس هناك أي داعٍ للمراوغة واللف والدوران واللعب بالألفاظ والأفكار في علاج أية قضية قومية أو حتى شخصية، لأن هذا من شأنه إهدار الفكر والوقت والطاقة في زمن أصبحت فيه هذه العناصر الثلاثة أغلى ما يملكه الإنسان المتحضر. والمناخ الديمقراطي لا يتحرج من النقد الذاتي، فليس عنده ما يخجل منه طالما أنه حريص على التخلص من سلبيات الضعف البشري والهوى الأمارة بالسوء. وهذه الدراسة هي نوع من الممارسة الديمقراطية في معالجة الشخصية الزئبقية، وتحليلها، وتشريحها، وتعريتها للتخلص منها.
وليس هناك شعب من الملائكة أو الأخيار، ولكن هناك شعبًا متحضرًا يملك العقل الواعي الذي يسد الثغرات، ويرسخ الإيجابيات، ويتخلص من السلبيات، ويعلو بالكيان الحضاري أولًا بأول.
كتب أخرى للمؤلف : نبيل راغب
اقتباسات من كتاب الشخصية الزئبقية جذورها وخفاياها PDF تأليف نبيل راغب

تحميل كتاب الشخصية الزئبقية جذورها وخفاياها PDF تأليف نبيل راغب
تحميل الكتاب: اضـغـط هــنا
يسرّنا في موقع المكتبة نت أن نوضح لكم بعض النقاط الهامة:
- مصادر الكتب: نقوم بتوفير الكتب من منصات الإنترنت المختلفة مثل موقع Archive وغيره من المواقع المتخصصة.
- المحتوى: نحن لا نتحمل مسؤولية الآراء أو الأفكار الواردة في الكتب التي نقوم بنشرها.
- الملكية الفكرية: جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلفين. في حال وجود أي مشكلة تتعلق بالحقوق، نرجو منكم التواصل معنا مباشرة.
نحن دائمًا في خدمتكم ويسعدنا تواصلكم عبر أحد الوسائل التالية:
- صفحة حقوق الملكية
- صفحة حول المكتبة نت
- البريد الإلكتروني: [email protected]
- كروب الفيسبوك: [الفيسبوك]
- قناة التلغرام: [التلغرام]
لا تترددوا في التواصل معنا لأي استفسار أو ملاحظة!