كتاب الصهيونية والحضارة الغربية – تأليف عبد الوهاب المسيري …
كتاب “الصهيونية والحضارة الغربية” للدكتور عبد الوهاب المسيري من أهم الأعمال الفكرية التي تتناول العلاقة بين الحركة الصهيونية والحضارة الغربية. يتناول المسيري في هذا الكتاب جذور الظاهرة الصهيونية، مُوضحًا أنها ليست انحرافًا عن الحضارة الغربية كما يظن البعض، بل هي إفراز عضوي لهذه الحضارة بكافة تجلياتها وخصائصها. في هذا المقال، سنستعرض أفكار الدكتور المسيري في هذا الكتاب، مع تسليط الضوء على المواقف الرئيسية التي طرحها، وكيف يمكن أن يكون الكتاب مرجعًا هامًا لفهم الصهيونية والعلاقة بينها وبين الإمبريالية الغربية.
نظرة شاملة حول الصهيونية والحضارة الغربية
يبدأ الدكتور عبد الوهاب المسيري الكتاب بتوضيح أن الصهيونية ليست ظاهرة منفصلة أو معزولة عن الحضارة الغربية، بل هي جزء لا يتجزأ من حركة الإمبريالية الغربية التي نشأت في أوروبا في الفترة الحديثة. وقد اعتبر أن الحركة الصهيونية لا يمكن فهمها بمعزل عن الثورة الرأسمالية الغربية التي بدأت منذ نهاية القرن الخامس عشر، والتي شكلت البنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الغربية. في هذا السياق، يُنظر إلى الصهيونية كإفراز لهذه الحضارة بتناقضاتها وأيديولوجياتها التوسعية.
الصهيونية كدولة استيطانية إحلالية
من أبرز ما يطرحه المسيري في كتابه هو أن الدولة الصهيونية هي دولة استيطانية إحلالية، لا تختلف عن أي دولة استيطانية أخرى ظهرت في التاريخ. يوضح المسيري أن الدولة الصهيونية تقوم على فكرة الاستيطان في أرض ليست أرضهم الأصلية، وهو ما يشابه سياسات الاستعمار الغربي في القارات الأخرى، مثل أمريكا الشمالية وأستراليا. كما يشير إلى أن فكرة الاستيطان والإحلال تعتبر جزءًا من استراتيجيات الإمبريالية الغربية التي تسعى إلى السيطرة على الأراضي وإحلال سكان جدد بدلاً من السكان الأصليين.
الجذور الإمبريالية للصهيونية
في الكتاب، يعود المسيري إلى جذور الظاهرة الصهيونية التي تتجذر في الرؤية الإمبريالية الغربية للعالم. يوضح المسيري أن الحضارة الغربية، خصوصًا في فترتها الرأسمالية، كانت تتعامل مع العالم على أنه مادة خام يمكن استخدامها لخدمة مصالحها. وفي إطار هذه الرؤية الإمبريالية، تم طرح “المسألة اليهودية” كقضية يجب حلها في أوروبا. لكن المسيري يذهب إلى أبعد من ذلك، حيث يرى أن “المسألة اليهودية” لم تكن تتعلق بالاضطهاد الذي تعرض له اليهود في المجتمعات الأوروبية فقط، بل كانت أيضًا مرتبطة بفقدان اليهود لدورهم الوظيفي في المجتمعات الغربية الحديثة.
فقدان اليهود لدورهم في المجتمعات الغربية
واحدة من الأفكار الرئيسية التي يطرحها المسيري هي أن اليهود في المجتمعات الأوروبية الحديثة فقدوا دورهم الوظيفي في النظام الاجتماعي والاقتصادي. يبين أن اليهود، بعد تحول المجتمعات الغربية من الإقطاعية إلى الرأسمالية، أصبحوا يُعتبرون فائضًا سكانيًا بلا وظيفة اقتصادية أو اجتماعية مهمة. وهذا جعلهم فئة غير منتجة في نظر المجتمع، مما أدى إلى زيادة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي صاحبت وجودهم.
حل المسألة اليهودية عبر تصدير اليهود
بعد ظهور “المسألة اليهودية”، وجد الفكر الإمبريالي الغربي أن الحل الأمثل لهذه المشكلة هو تصدير اليهود إلى مناطق أخرى، خارج أوروبا. يعتبر المسيري أن هذا الحل يتماشى مع الرؤية الغربية للعالم باعتباره مادة خاضعة للتوظيف من قبل القوى الكبرى. هنا، تتحالف الجماعات الصهيونية مع القوى الإمبريالية الغربية، ويقررون أن يكون حل “المسألة اليهودية” عن طريق توطين اليهود في مناطق أخرى، وبالذات في فلسطين.
تاريخ الصهيونية وتعاونها مع الإمبريالية الغربية
يشرح المسيري في كتابه كيف أن التعاون بين القوى الإمبريالية الغربية والجماعات الصهيونية كان أساسًا في تأسيس الدولة الصهيونية. وقد قدم الدكتور المسيري في كتابه عرضًا مفصلًا لدور تيودور هيرتزل، مؤسس الحركة الصهيونية الحديثة، وكيف نظر إلى الإمبريالية الغربية كداعم رئيسي للمشروع الصهيوني. ويرى أن دعم القوى الكبرى للمشروع الصهيوني لم يكن لأسباب إنسانية، بل كان بسبب المصالح الاستراتيجية التي كانت تسعى إليها تلك القوى في الشرق الأوسط.
الاستراتيجيات الإمبريالية لحل المسألة اليهودية
في الكتاب، يقدم المسيري تحليلاً حول الاستراتيجيات الإمبريالية الغربية في حل “المسألة اليهودية”. ويؤكد أن القوى الغربية لم تتبع طريقة الإبادة الجماعية كما حدث مع السكان الأصليين في أمريكا الشمالية وأستراليا. بل تم تبني استراتيجية نقل اليهود إلى مناطق جديدة (مثل فلسطين) لتفريغ أوروبا منهم وحل “المشكلة اليهودية” بعيدًا عن أوروبا. يوضح المسيري أيضًا كيف تم اختيار فلسطين كموقع لهذا المشروع بسبب أهميتها الاستراتيجية في المنطقة.
التحليل الفكري للصهيونية
في الجزء الأخير من الكتاب، يقدم الدكتور عبد الوهاب المسيري تحليلاً فكريًا متعمقًا للحركة الصهيونية. يوضح أن الصهيونية ليست فقط حركة قومية لليهود، بل هي حركة متشابكة مع الأيديولوجيا الغربية التي تسعى لتحقيق مصالح الإمبريالية الغربية في الشرق الأوسط. كما يشير إلى أن الصهيونية ليست مجرد ظاهرة سياسية، بل هي مشروع فكري وثقافي يعكس التوجهات الغربية في الاستعمار والتوسع.
أهمية الكتاب وفائدته للقارئ
-
تحليل شامل للصهيونية: الكتاب يقدم تحليلًا شاملاً ومتعمقًا حول الصهيونية وكيفية نشأتها كظاهرة مرتبطة بالغرب الإمبريالي.
-
تفسير العلاقة بين الإمبريالية والصهيونية: يوضح الكتاب كيف أن الصهيونية لم تكن مجرد رد فعل اجتماعي أو ديني، بل كانت جزءًا من استراتيجية أوسع للإمبريالية الغربية.
-
دراسة تاريخية وموضوعية: يتسم الكتاب بالموضوعية في تقديم التحليل التاريخي للأحداث التي أدت إلى نشوء الدولة الصهيونية، مما يجعله مرجعًا هامًا في الدراسات السياسية والتاريخية.
خلاصة القول
الصهيونية والحضارة الغربية هو كتاب مهم لفهم الصهيونية في إطارها التاريخي والفكري، حيث يقدم الدكتور عبد الوهاب المسيري تحليلًا دقيقًا للصهيونية باعتبارها إفرازًا طبيعيًا للحضارة الغربية الإمبريالية. من خلال هذا الكتاب، يستطيع القارئ أن يحصل على رؤية شاملة ومعمقة حول كيفية تداخل الصهيونية مع القوى الإمبريالية الغربية وتأثيرها على تاريخ العالم.
كتب أخرى للمؤلف : عبد الوهاب المسيري
👤 من هو عبد الوهاب المسيري؟
عبد الوهاب محمد المسيري (1938 – 2008) هو مفكر ومؤرخ وعالم اجتماع مصري مسلم. يُعرف بكونه أحد أبرز المفكرين العرب في النصف الثاني من القرن العشرين، وقد تميز برؤيته النقدية تجاه الحداثة الغربية ومفاهيمها الكبرى، ومن بينها العلمانية، العولمة، والتشيّؤ.
من أشهر أعماله:
-
موسوعته الضخمة “اليهود واليهودية والصهيونية“، التي تعد من أضخم الموسوعات الفكرية في العالم العربي، وتقدم رؤية تحليلية مغايرة لليهودية والصهيونية، تجمع بين المعرفة الأكاديمية والرؤية النقدية.
وقد نال المسيري إشادة واسعة في الأوساط الفكرية العربية، رغم وجود بعض الآراء الناقدة له، خاصة في ما يتعلق برؤيته للظاهرة اليهودية، حيث اتهمه البعض بالتحيّز، فيما رآه آخرون باحثًا موضوعيًا تجاوز الأحكام الجاهزة.
اقتباسات من كتاب الصهيونية والحضارة الغربية – تأليف عبد الوهاب المسيري
تحميل كتاب الصهيونية والحضارة الغربية – تأليف عبد الوهاب المسيري
للحصول على الكتاب : الصهيونية والحضارة الغربية
📢 ما رأيك في هذا الكتاب؟ شاركنا تجربتك في التعليقات، واقترح علينا كتبًا أخرى تود منا نشرها!
يسرّنا في موقع المكتبة نت أن نوضح لكم بعض النقاط الهامة:
- مصادر الكتب: نقوم بتوفير الكتب من منصات الإنترنت المختلفة مثل موقع Archive و Scribd وغيرها من المواقع المتخصصة.
- المحتوى: نحن لا نتحمل مسؤولية الآراء أو الأفكار الواردة في الكتب التي نقوم بنشرها.
- الملكية الفكرية: جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلفين. في حال وجود أي مشكلة تتعلق بالحقوق، نرجو منكم التواصل معنا مباشرة.
يسعدنا تواصلكم معنا عبر أحد الوسائل التالية:
- صفحة حقوق الملكية
- صفحة حول المكتبة نت
- البريد الإلكتروني: [email protected]
- كروب الفيسبوك: [الفيسبوك]
- قناة التلغرام: [التلغرام]
لا تترددوا في التواصل معنا لأي استفسار أو ملاحظة!