كتاب النملة والفيل قيادة الذات حكاية رمزية وخطة عمل من 5 خطوات لتحويل الأداء في مكان العمل PDF تأليف فينس بوسنتي

كتاب النملة والفيل: قيادة الذات – حكاية رمزية وخطة عمل من 5 خطوات لتحويل الأداء في مكان العمل

قبل أن يصل أي شخص إلى كامل إمكاناته كقائد، ينبغي عليه أولًا أن يكون قائدًا لنفسه. يجب عليه أن يستفيد من مواهبه وقواه الكامنة، ويتحدى العادات التي تعيق نموه، ويتعامل مع المخاوف والمشاعر السلبية التي تمنعه، في كثير من الأحيان، من تحقيق أهدافه.

كما تعلم، تعمل عقولنا في مستويين مختلفين: الأفكار الواعية واللاواعية. “نملتنا” تمثل الجزء المتعمد من العقل، حيث تكمن الأفكار النقدية والتحليلية. أما “فيلنا”، فهو الجزء الفطري التلقائي من العقل، وهو المسؤول عن المشاعر والذكريات، بل ويقود الجسم لأداء وظائفه الحيوية. رغم أننا نميل إلى معرفة عقولنا الواعية (النملة) بشكل أفضل، فإننا غالبًا ما نغفل قوة عقولنا اللاواعية (الفيل). للأسف، حينما نفعل ذلك، نهدر مصدرًا هائلًا من الإمكانات البشرية.

تخيل نملة صغيرة على ظهر فيل إفريقي ضخم. لا يهم كم اجتهدت تلك النملة في المشي باتجاه الشرق، فإذا كان الفيل الذي تجلس عليه يسير في الاتجاه المعاكس، فسينتهي بها المطاف بعيدًا ناحية الغرب. وبالمثل، نجد أنفسنا نبتعد عن أهدافنا عندما تكون عقولنا الواعية واللاواعية غير متسقة. ما الجوانب “الفيلية” في شخصياتنا التي تمنعنا من مواجهة التحديات؟ كيف تقف مشاعرنا في طريق قدرتنا على التصرف والتواصل بفعالية؟ وماذا يعني حقًا أن نلتزم بتحقيق حلم؟

يدرك القائد الجيد أنه عالق في عادات تشبه “الفيل”، تبقيه بعيدًا عن هدفه، لكن القائد العظيم يتخذ خطوات لتغيير ذلك. فهو يواجه السلوكيات والروتينات التي تعطل وعيه، ويعيد تشكيل معتقداته الراسخة، واتجاهاته الذهنية، وواقعه، ليكون ذلك داعمًا لجهوده الواعية. القائد العظيم يقهر مخاوفه الخفية، ويدفع ثمن النجاح، ويستثمر عاطفيًا في رؤيته، ليصبح ملهمًا للآخرين.

كتاب النملة والفيل هو حكاية رمزية ممتعة تساعدك على تحقيق ذلك. يهدف إلى إظهار كيف يمكننا توحيد القوى الهائلة للتفكير الواعي واللاواعي لنصل إلى كامل إمكاناتنا بسهولة أكبر، وفي وقت أقل، وبمتعة أكبر على طول الطريق.

التخلي عن المألوف

منذ عدة سنوات، في السافانا الإفريقية، حدث شيء استثنائي. نملة ذكر، بحجم قطرة مطر، اكتشف القوة والعزم اللذين كان بحاجة إليهما لتحريك فيل ضخم.

لعلك تقول: “مستحيل! لا يمكن لنملة أن تحرك فيلًا.”

لكن كل كلمة من هذه القصة حقيقية. بعد شهور من البحث الدؤوب عن الذات، تعلم ذكر النملة الواعي، الذي يُدعى أدير، كيف يسخر قوة زميله اللاواعي، الفيل الضخم. خلال هذه الرحلة، لم يتعلم أدير عن ذاته فقط، بل اكتشف أيضًا ما يلزم ليصبح قائدًا يستحق الاتباع.

غمزة، غمزة

بالطبع، لم يكن بإمكان أدير – أو أي شخص في موقفه – أن ينجح بمفرده. لولا التدريب الصبور من البومة العجوز الحكيمة، بريو، التي كان صوتها يشبه إلى حد مخيف صوت جيمس إيرل جونز، لما تحققت أحلام أدير بمستقبل أفضل. بمساعدة بريو، اكتشف أدير ماذا يعني أن يكون قائدًا لنفسه. والأهم من ذلك، تعلم أن معرفة الذات العميقة هي المفتاح الأساسي ليصبح قائدًا عظيمًا.

فكر في موفاسا، وليس دارث فيدر

غير أدير والفيل مسار حياتهما بالكامل. وبعد أن تستمع لما كان لدى بريو لتقوله لأدير وفيله، قد تتمكن أنت أيضًا من تغيير مسار حياتك. إنها قصة استثنائية، ملهمة، ومن المؤكد أنك ستجد فيها فائدة كبيرة.

وتبدأ القصة بعاصفة هائلة…

في وقت متأخر من إحدى الليالي، كان أدير نائمًا بسلام في سريره، حتى أيقظه صديقه تشارلي.

“أدير! أدير!” صاح تشارلي وهو يهزه بقوة. “لقد هبت عاصفة قوية! نحتاج إلى التأكد من أن مؤونتنا محمية!”

كان أدير في منتصف حلم شيق، فنهض متذمرًا، وفرك عينيه، ثم تبع تشارلي خارج عش النمل. بمجرد خروجه، رأى أن المستعمرة بأكملها استُدعيت للمساعدة في تأمين المؤن. راقب أصدقاءه وزملاءه وهم يسرعون لنقل الطعام والإمدادات إلى أماكن آمنة. ومع ازدياد شدة المطر والرياح، لاحظ أن المشهد كان فوضويًا؛ فقد كان الكثير من زملائه يركضون في دوائر، كما لو كانوا نملًا مقطوع الرأس… أو دجاجات. أنت تفهم المقصود.

صاح أدير: “أنتم تذهبون في الاتجاه الخاطئ!” ثم سارع إلى تلة مرتفعة، ورفع صوته فوق عواء الرياح: “اتبعوني! هذا الطريق أسهل!”

لكن مهما صرخ، لم يتبعه أحد. توتر صوته، ولوّح بأطرافه الأربعة الأمامية في محاولة لجذب انتباههم، لكنهم لم يعيروه أي اهتمام.

وفجأة، أضاءت صاعقة هائلة السماء. في تلك اللحظة، توقفت المستعمرة بأكملها عن الحركة، كما لو أن الزمن تجمد. كان هذا آخر مشهد رآه أدير من مستعمرته لعدة أشهر.

في اللحظة التالية، هبّت ريح قوية حملت أدير عاليًا في السماء. شعر كما لو أنه يطير، وهو يتخبط وسط العاصفة. كلما هدأت الرياح، تبعتها أخرى أشد. ومع استمرار المطر في الهطول بغزارة، فقد أدير إحساسه بالاتجاهات تمامًا.

وأخيرًا، عندما ألقته الرياح على الأرض، هرع إلى وادٍ ضحل للاحتماء، وانهار جسده المرهق بفعل العاصفة، لينام في سبات عميق.

لم يكن يعلم حينها أن حياته ستتغير للأبد بسبب هذه العاصفة. لقد أخذته بعيدًا عن أمان مستعمرته، ومنحته الفرصة لرؤية حياته من منظور جديد. في الحقيقة، لولا تلك العاصفة العنيفة، لما اكتشف أدير الواحة أبدًا.

استيقظ أدير في صباح اليوم التالي على هدوء غير مألوف. فتح عينيه بتثاقل، لكنه شعر بحيرة غريبة. سرعان ما عاد إليه رعب الليلة الماضية، وبدأ القلق يتسلل إليه. نظر حوله، لكنه لم يجد أي أثر لزملائه النمل، ولا حتى دليلًا بسيطًا على أن مستعمرته كانت موجودة من الأساس.

استكشف المنطقة القريبة، لكنه لم يجد أي علامة تقوده إلى المنزل.

(وهكذا تبدأ رحلته لاكتشاف الذات…)