كتاب دراسات في الفقه الإسلامي المعاصر الجزء الثالث PDF تأليف حيدر حب الله …
وصف وملخص الكتاب :
تتصل قضية الاحتكار بشكل عام بأزمة السلطة العامة التي تشمل السلطة السياسية والاقتصادية، ولا تعتبر ظاهرة جديدة في حياة الإنسان. ومع ذلك، شهد العصر الراهن تطورات لهذه الظاهرة جعلتها تتعدى المجال الاقتصادي لتشمل المجال السياسي أيضًا، حيث أصبحت الأموال والبضائع متركزة في يد جهات معينة لأغراض سياسية واقتصادية معًا. بل وصل الأمر إلى حد أنه إذا كان الهدف هو إسقاط حكومات أو رفع أخرى بديلة عنها، يتم استخدام الاحتكار بطرق تتجاوز اقتصادية إلى سياسية لتحقيق هذه الأغراض.
هذا هو التطور الملحوظ في قضية الاحتكار اليوم، حيث لم يعد شأناً يقتصر على سلعة معينة في منطقة معينة، بل أصبح يقتصر على الدول الكبرى والشركات متعددة الجنسيات التي تستخدمه بطرق ذكية للغاية، مستغلة الثغرات القانونية لتصفية حسابات سياسية أو لتحقيق غايات أخرى، وأحيانًا لأغراض غير سياسية. يُطلق البعض على هذه الظاهرة “الاحتكار العالمي” أو “الاحتكار الدولي”.
في هذا السياق، قامت الدول بتشريع قوانين لمكافحة الاحتكار، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية خلال القرن العشرين، حيث اشتهرت بهذا المجال. وقد أولت الشريعة الإسلامية اهتمامًا كبيرًا بقضايا المال، وكان الهدف من ذلك ضبط الميول البشرية فيما يتعلق بالسلطة على جميع المستويات. ومن هنا جاءت الأحكام المتعلقة بمنع كنز الثروات وتشريع الفرائض المالية مثل الزكاة والخمس، إلى جانب منع تمركز المال كي لا يصبح حكراً على الأغنياء فقط، كما جاء في قوله تعالى: “كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم” (الحشر: 7)، تحذيرًا من ظهور طبقية مجحفة قد تهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
تعتبر مسألة الاحتكار من القضايا التي تناولها الفقه الإسلامي، حيث ساهم الفقهاء في معالجتها ودراستها بمذاهبهم المختلفة، بهدف حماية المستهلك وتنظيم التوزيع العادل للسلع، والحد من التضخم المتعمد والمقصود. في هذه الورقة، سنحاول معالجة هذا الموضوع وفقًا للمعايير الفقهية الثابتة في الاجتهاد الإسلامي.
1. الاحتكار في اللغة
تعددت الكلمات في كتب اللغة ومصادرها العربية حول كلمة “الاحتكار” و”الحكرة”. قال الفراهيدي: “الحكر، الظلم في التقص وسوء المعاملة، وفلان يحكر فلانًا: أدخل عليه مشقة ومضرة في معاشرته ومعايشته”، وأضاف أن “الحكر: ما احتكر من طعام ونحوه مما يؤكل”، ومعناه “الجمع”. والفعل “احتكر” وصاحبه “محتكر” ينتظر باحتباسه الغلاء.
وقال الجوهري: “احتكار الطعام: جمعه وحبسه، ويترقب به الغلاء، وهو الحكرة بالضم”. أما ابن فارس، فقد ذكر أن “الحاء والكاف والراء أصل واحد، وهو الحبس. والحكرة هي حبس الطعام منتظرًا لغلائه”. كما أضاف ابن الأثير: “الشراء والحبس حتى يقل ويغلو سعره”.
وأشار ابن منظور إلى أن “الحكر: اذخار الطعام للتربص، وصاحبه محتكر”. كما أوضح ابن سيدة أن “الاحتكار هو جمع الطعام أو ما يُؤكل وحبسه انتظارًا للغلاء”. وقد ذكر الفيروزآبادي أن “الحكر: الظلم، وإساءة المعاشرة… والتحكر هو الاحتكار”.
2. وقفة تحليلية مع النصوص اللغوية
من خلال النصوص اللغوية المتقدمة، نجد أن الجذر اللغوي للحكر يشير إلى “الحبس”، في حين أن بعض اللغويين يعرفونه “بآثاره”، حيث يتم ربطه بالظلم من خلال تقليل العرض ورفع الأسعار. يبدو أن الفقهاء قاموا بتعريف الاحتكار بناءً على آثاره الاقتصادية والاجتماعية، مثل تقليل المعروض ورفع الأسعار، دون التركيز فقط على الحبس المادي.
كما يظهر من بعض التعريفات الأخرى أن الاحتكار لا يقتصر على الطعام فقط، بل قد يشمل أي سلعة. ففي حال كانت السلع الأخرى قابلة للاحتكار، يُعامل الاحتكار بنفس الطريقة بغض النظر عن نوع السلعة.
3. الاحتكار في الاصطلاح الفقهي
في الاصطلاح الفقهي، يمكن تعريف الاحتكار بطرق مختلفة حسب المذهب الفقهي، حيث تختلف التعريفات الفقهية بناءً على المعيار المستخدم (مثل الضرر أو الحاجة إلى السلعة).
-
الفقه الحنفي: عرف ابن عابدين الاحتكار بأنه “شراء طعام وحبسه إلى الغلاء لمدة أربعين يومًا”. كما أضاف الكاساني أن الاحتكار يحدث عندما يمتنع التاجر عن بيع الطعام بعد شرائه، مما يؤدي إلى الإضرار بالناس.
-
الفقه الزيدي: عرّف الاحتكار بأنه “حبس الطعام بما يزيد عن الحاجة الأساسية مع التربص بالغلاء”.
-
الفقه الشافعي: عرفه النووي بأنه “شراء الطعام في وقت الغلاء وحبسه لزيادة ثمنه مع الحاجة الماسة للآخرين”، مشيرًا إلى أن شراء الطعام في وقت الرخص لا يُعد احتكارًا.
-
الفقه الظاهري: يرى ابن حزم أن الاحتكار حرام سواء في الشراء أو حبس ما تم شراؤه.
-
الفقه الحنبل: عرفه البهوي في “كشاف القناع” بأنه “شراء القوت للتجارة وحبسه حتى يرتفع سعره”.
-
الفقه الإمامي: عرفه الشيخ الطوسي بأنه “حبس الحنطة والشعير والتمر والزبيب مع الحاجة الشديدة إليها”.
من خلال هذه المعالجة، نلاحظ أن الفقهاء اتفقوا على أن الاحتكار هو حبس السلع وتحديدها بحيث يرتفع سعرها مع تزايد الحاجة إليها، مع اختلافات طفيفة في تعريفة بناءً على نوع السلعة أو المدة الزمنية. ولكن جميع المذاهب الفقهية تتفق على أن الاحتكار ضار بالاقتصاد والمجتمع، ويتعارض مع العدالة الاجتماعية.
كتب أخرى للمؤلف : حيدر حب الله
- كتاب دراسات في الفقه الإسلامي الجزء الأول PDF تأليف حيدر حب الله
- كتاب دراسات في الفقه الإسلامي الجزء الثاني PDF تأليف حيدر حب الله
اقتباسات من كتاب دراسات في الفقه الإسلامي المعاصر الجزء الثالث PDF تأليف حيدر حب الله

تحميل كتاب دراسات في الفقه الإسلامي المعاصر الجزء الثالث PDF تأليف حيدر حب الله
للحصول على الكتاب: اضـغـط هــنا
📢 ما رأيك في هذا الكتاب؟ شاركنا تجربتك في التعليقات، واقترح علينا كتبًا أخرى تود منا نشرها!
يسرّنا في موقع المكتبة نت أن نوضح لكم بعض النقاط الهامة:
- مصادر الكتب: نقوم بتوفير الكتب من منصات الإنترنت المختلفة مثل موقع Archive و Scribd وغيرها من المواقع المتخصصة.
- المحتوى: نحن لا نتحمل مسؤولية الآراء أو الأفكار الواردة في الكتب التي نقوم بنشرها.
- الملكية الفكرية: جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلفين. في حال وجود أي مشكلة تتعلق بالحقوق، نرجو منكم التواصل معنا مباشرة.
يسعدنا تواصلكم معنا عبر أحد الوسائل التالية:
- صفحة حقوق الملكية
- صفحة حول المكتبة نت
- البريد الإلكتروني: [email protected]
- كروب الفيسبوك: [الفيسبوك]
- قناة التلغرام: [التلغرام]
لا تترددوا في التواصل معنا لأي استفسار أو ملاحظة!