كتاب معركة جديدة في قضية المرأة – تأليف نوال السعداوي

يُعد كتاب معركة جديدة في قضية المرأة أحد أبرز مؤلفات الكاتبة والمناضلة المصرية نوال السعداوي. في هذا العمل، تسلط السعداوي الضوء على معركتها الطويلة دفاعًا عن حقوق المرأة العربية، موثقةً تجربة تأسيس جمعية “تضامن المرأة العربية” والأحداث الدرامية التي رافقت مسيرتها، بدءًا من نشأتها وحتى حلها بقرار سياسي مفاجئ.
يمزج الكتاب بين السرد الشخصي والتحليل السياسي والاجتماعي، مما يجعله وثيقة تاريخية مهمة لكل من يهتم بقضايا الحريات والنسوية في العالم العربي.

محتوى الكتاب

يقع الكتاب في حوالي 260 صفحة، تخصصت المائة صفحة الأولى منه لرصد الوقائع والتفاصيل المرتبطة بتأسيس جمعية تضامن المرأة العربية، التي وُلدت عقب اجتماع النساء العربيات في مؤتمر كوبنهاجن الدولي عام 1980م، ثم تأسست رسميًا عام 1982م.

تتناول نوال السعداوي في هذا الجزء كيفية حصول الجمعية على التمويلات الخارجية، خصوصًا من مؤسسات دولية كـاليونسكو، لدعم مشروعات تنموية تهدف إلى النهوض بالمرأة الريفية وتمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا، في محاولة جادة لكسر دوائر الفقر والتهميش.

الفصل الثاني: تساؤلات حول قرار الحل

ينتقل الكتاب بعد ذلك لطرح تساؤلات محورية حول قرار حل الجمعية الذي صدر عام 1991م.
تطرح السعداوي عدة احتمالات لما وصفته بـ”السر وراء القرار”، مثل:

• استجابة لبلاغات كيدية قُدمت ضد الجمعية.

• ضغوط من السلطات المحلية نتيجة مواقف الجمعية الجريئة.

• تأثر الحكومة بالضغوط الأمريكية والإسرائيلية الرافضة لأي نشاط نسوي مستقل.

• انتقادها للشيخ ابن باز، مما أثار حساسية السلطات السعودية، وهو ما أشارت إليه تحت مصطلح “سطوة البترودولار“.

كما لم تتردد السعداوي في توجيه اتهامات مباشرة إلى الصحف المحلية التي احتفت بقرار الحل، معتبرةً أنها تمثل التيار الديني الممول سعوديًا، ووصفت المملكة العربية السعودية بأنها “مملكة الصمت“، مشبهةً إياها بـ”كنيسة العصور الوسطى” في أوروبا، حيث تسود الرقابة والتضييق على الحريات.

تقديم الكتاب: شهادة شريف حتاتة

استهل الكتاب بمقدمة كتبها الدكتور شريف حتاتة، زوج نوال السعداوي، والذي كان بدوره طبيبًا وكاتبًا ومناضلًا سياسيًا.
في مقدمته، أثنى حتاتة على نضال زوجته، معتبرًا إياها رمزًا للصمود في وجه الاستعمار، وقهر الحريات، وانتهاكات حقوق الإنسان.

وجه حتاتة نقدًا لاذعًا لبعض المثقفين العرب، متهمًا إياهم بأنهم يتجنبون الكتابة عن زوجاتهم باعتبارهن “عورة”، بينما لا يتورعون عن الحديث عن علاقاتهم بالعشيقات أو المومسات، في مقارنة جريئة أثارت الكثير من الجدل.
ورغم أن هذه المقارنة حملت شيئًا من التعميم والغلو، فإنها تعبر عن رؤية حتاتة المختلفة لدور المرأة في حياة الرجل العربي، وخاصة الكاتبين والمثقفين.

أبرز القضايا التي يطرحها الكتاب

النضال من أجل الحقوق النسوية

يركز الكتاب على كشف التحديات التي تواجه النساء العربيات حين يحاولن تنظيم أنفسهن والمطالبة بحقوقهن. تظهر الجمعية كنموذج حيّ لكيفية تقييد أي حراك نسوي مستقل تحت ذرائع سياسية أو دينية.

التبعية والتمويل الخارجي

تتناول السعداوي بإسهاب قضية التمويل الأجنبي، حيث تعترف بالحصول على دعم من مؤسسات دولية، لكنها تؤكد أن هذا التمويل كان لخدمة مشروعات تنموية حقيقية، لا لتوجيه الجمعية سياسيًا.

الهيمنة الدينية والبترودولار

تنتقد السعداوي بجرأة ما تسميه “تحالف الدين مع رأس المال النفطي”، معتبرة أن الهيمنة الدينية الممولة خليجيًا كانت سيفًا مسلطًا على رقاب الحركات النسوية والحقوقية المستقلة في العالم العربي.

أسلوب نوال السعداوي في الكتاب

تميزت نوال السعداوي بلغتها المباشرة الجريئة، الخالية من التلميحات أو المداراة، مما جعل كتابها وثيقة مكاشفة صادمة وصادقة في آنٍ واحد.
اعتمدت أسلوب السرد التفصيلي، متخللًا بتحليلات سياسية واجتماعية، مدعمة بمواقف شخصية عاشتها الكاتبة، مما أضفى على النص صدقًا وتجربة حية نابضة.

لماذا يجب قراءة هذا الكتاب؟

• توثيق لتجربة نادرة في العمل النسوي العربي.

• كشف لعلاقة السياسة بالدين والمال في العالم العربي.

• شهادة حية على قمع الحريات المدنية والجمعيات المستقلة.

• أسلوب أدبي وسياسي جريء يفتح أبواب التفكير النقدي والنقاش العميق.