كتاب الأيديولوجية الصهيونية الجزء الثاني دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة – تأليف عبد الوهاب المسيري …
الأيديولوجية الصهيونية – الجزء الثاني بعد معركة بيروت المجيدة والمذبحة الدموية التي أعقبتها في صبرا وشاتيلا، انكشفت أبعاد المواجهة الصهيونية العالمية بشكل أكثر وضوحًا، حيث تبيّن أن الكيان الصهيوني ليس مجرد كيان محلي يسعى للهيمنة على أرض فلسطين وحدها، بل هو رأس حربة لمشروع استعماري واسع النطاق، يندرج ضمن الإمبريالية الغربية في الشرق الأوسط. فقد بات من المؤكد أن المشروع الصهيوني لا يقتصر على استهداف الشعب الفلسطيني أو السيطرة على أراضيه فقط، بل إن أطماعه تتجاوز ذلك إلى لبنان، والأردن، ومصر، وربما إلى ما هو أبعد من ذلك، تبعًا لقدراته العسكرية والدعم السياسي والاقتصادي الذي يتلقاه من الغرب.
لحظة تاريخية حاسمة ومراجعة شاملة
تأتي هذه الدراسة الموسوعية في “الأيديولوجية الصهيونية” التي أعدها المفكر الكبير الدكتور عبد الوهاب المسيري، في وقت تاريخي بالغ الحساسية، حيث تعيد القوى الحية في المنطقة تقييم مواقفها، وتعيد ترتيب صفوفها استعدادًا لمعارك قادمة، قد تكون أكثر شراسة وأكثر وضوحًا في أهدافها. فالاعتقاد بأن الصراع العربي الصهيوني قد انتهى باتفاقية “سلام” كامب ديفيد لم يكن سوى وهم سياسي لم يصمد طويلاً، سرعان ما تبخرت آثاره في ظل استمرار العدوان، والتوسع، وفرض واقع جديد على الأرض بقوة السلاح.
دراسة شاملة لا تستثني بعدًا من أبعاد الصهيونية
ما يميز هذه الدراسة عن غيرها من الكتابات التي تناولت الأيديولوجية الصهيونية، هو أنها لا تكتفي باستعراض جوانب جزئية أو متفرقة من هذا الفكر المعقّد، بل تسعى إلى تقديم رؤية شاملة ومنهجية للأيديولوجية الصهيونية، من حيث نشأتها الفكرية، وتطورها التاريخي، وتجلياتها السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية. فالكاتب لم يركّز فقط على الجانب الديني ويغفل الجوانب الاقتصادية، أو يحلل الخطاب السياسي متجاهلاً البُعد الوجداني والنفسي للمشروع الصهيوني، أو يربط الصهيونية بالعرب دون الحديث عن علاقتها باليهود في العالم.
بل على العكس من ذلك، فإن الدكتور المسيري ينطلق من رؤية شمولية، يرى من خلالها أن الصهيونية ليست مجرد حركة سياسية نشأت لتلبية “الحلم اليهودي” بالعودة إلى “أرض الميعاد”، بل هي منظومة فكرية ذات جذور إمبريالية وعنصرية، تهدف إلى إعادة تشكيل الإنسان اليهودي بما يخدم أهداف النظام الرأسمالي الغربي، ويجعله أداة طيّعة لتحقيق مصالحه في قلب العالم العربي والإسلامي.
الصهيونية كنموذج في علم اجتماع المعرفة
من الجوانب المبتكرة في هذا الجزء من الدراسة، أن الكاتب يستخدم الأيديولوجية الصهيونية كحالة تحليلية ضمن إطار علم اجتماع المعرفة. وهو العلم الذي يبحث في علاقة الأفكار بالمجتمع الذي ينتجها، وكيفية تبلورها وانتشارها، وتحوّلها إلى أنماط سلوكية ومشاريع سياسية. فالصهيونية في هذا السياق ليست مجرد نظرية، بل هي ممارسة فعلية، تم تجريبها وتطويرها ضمن ظروف تاريخية وسياسية محددة.
يوضح المسيري كيف تنشأ الأيديولوجيات من رحم الأزمات، وكيف تتحول إلى أنماط تفكير جماعية يتبناها الأفراد لتشكيل هوية جمعية، ويحلل كيف يتم تعديل تلك الأفكار لاحقًا لتواجه تحديات داخلية من داخل النسق الفكري نفسه، أو خارجية من قوى الرفض والمقاومة. ومن هنا، فإن هذا الكتاب لا يقدّم فقط نقدًا للصهيونية من منظور عربي قومي أو إسلامي، بل يضعها في سياقها الفلسفي والمعرفي والاجتماعي، باعتبارها أيديولوجيا متكاملة لها بنيتها، ومفرداتها، وآلياتها.
الصهيونية والتوسع: رؤية تتجاوز الجغرافيا
ومن النقاط الجوهرية التي يركز عليها الكتاب، أن المشروع الصهيوني لم يكن يومًا مشروعًا قطريًا محدودًا، بل هو ذو طبيعة توسعية تتغذى على الأسطورة والخرافة الدينية، وتتحرك ضمن حسابات سياسية واستراتيجية مدروسة، تسعى إلى فرض واقع جديد في الشرق الأوسط، يُقصي العرب، ويعيد تشكيل خرائط النفوذ والثروة، ويفرض “إسرائيل الكبرى” كقوة مهيمنة.
دراسة لا غنى عنها لفهم الصراع
هذا الكتاب هو مرجع لا غنى عنه لأي باحث أو مهتم بالصراع العربي الصهيوني، أو بعلم الاجتماع السياسي، أو بدراسة الحركات الأيديولوجية المعاصرة. فهو يجمع بين العمق النظري والثراء التحليلي، ويُقدّم رؤية نقدية رصينة تقوم على منهج علمي واضح، يبتعد عن الشعاراتية أو التهويل، ليضع بين يدي القارئ العربي أدوات فعالة لفهم طبيعة الخصم الذي يواجهه، وأبعاد المشروع الذي يستهدف أمته ووجوده وثقافته.
خاتمة: دعوة إلى الوعي والمقاومة الفكرية
لا تكتفي هذه الدراسة بإلقاء الضوء على أبعاد الفكر الصهيوني، بل تشكّل في جوهرها دعوة مفتوحة إلى ضرورة الوعي، وبناء مقاومة فكرية موازية، تتسلح بالفهم العميق والتفكيك العلمي لهذا المشروع، وتعمل على صياغة رؤية عربية جديدة قادرة على المواجهة والاستمرار، بعيدًا عن التبعية والانبهار الزائف بالغرب.
كتب أخرى للمؤلف : عبد الوهاب المسيري
👤 من هو عبد الوهاب المسيري؟
عبد الوهاب محمد المسيري (1938 – 2008) هو مفكر ومؤرخ وعالم اجتماع مصري مسلم. يُعرف بكونه أحد أبرز المفكرين العرب في النصف الثاني من القرن العشرين، وقد تميز برؤيته النقدية تجاه الحداثة الغربية ومفاهيمها الكبرى، ومن بينها العلمانية، العولمة، والتشيّؤ.
من أشهر أعماله:
-
موسوعته الضخمة “اليهود واليهودية والصهيونية“، التي تعد من أضخم الموسوعات الفكرية في العالم العربي، وتقدم رؤية تحليلية مغايرة لليهودية والصهيونية، تجمع بين المعرفة الأكاديمية والرؤية النقدية.
وقد نال المسيري إشادة واسعة في الأوساط الفكرية العربية، رغم وجود بعض الآراء الناقدة له، خاصة في ما يتعلق برؤيته للظاهرة اليهودية، حيث اتهمه البعض بالتحيّز، فيما رآه آخرون باحثًا موضوعيًا تجاوز الأحكام الجاهزة.
اقتباسات من كتاب الأيديولوجية الصهيونية الجزء الثاني دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة – تأليف عبد الوهاب المسيري
تحميل كتاب الأيديولوجية الصهيونية الجزء الثاني دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة – تأليف عبد الوهاب المسيري
للحصول على الكتاب : الأيديولوجية الصهيونية الجزء الثاني
📢 ما رأيك في هذا الكتاب؟ شاركنا تجربتك في التعليقات، واقترح علينا كتبًا أخرى تود منا نشرها!
يسرّنا في موقع المكتبة نت أن نوضح لكم بعض النقاط الهامة:
- مصادر الكتب: نقوم بتوفير الكتب من منصات الإنترنت المختلفة مثل موقع Archive و Scribd وغيرها من المواقع المتخصصة.
- المحتوى: نحن لا نتحمل مسؤولية الآراء أو الأفكار الواردة في الكتب التي نقوم بنشرها.
- الملكية الفكرية: جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلفين. في حال وجود أي مشكلة تتعلق بالحقوق، نرجو منكم التواصل معنا مباشرة.
يسعدنا تواصلكم معنا عبر أحد الوسائل التالية:
- صفحة حقوق الملكية
- صفحة حول المكتبة نت
- البريد الإلكتروني: [email protected]
- كروب الفيسبوك: [الفيسبوك]
- قناة التلغرام: [التلغرام]
لا تترددوا في التواصل معنا لأي استفسار أو ملاحظة!