كتاب مغامرة الفكر الأوروبي قصة الأفكار الغربية PDF تأليف جاكلين روس …
وصف وملخص الكتاب :
يتناول هذا البحث مغامرة الفكر الأوروبي، تلك الشخصية الثقافية التي تتخطى تنوع الأمم. منذ وقت بعيد، شكلت أوروبا، التي مزقتها الصراعات، وحدة حضارية حيث اخترعت الأفكار الرئيسية للفكر التي تحمل دعوة عالمية. وبالرغم من أن أوروبا لم تكن يوماً متحدة سياسياً، إلا أن إطارها الروحي يضفي عليها التماسك المنشود. لقد سمحت اللغة المشتركة، أي اللاتينية، وهي أول عنصر جامع خلال قرون طويلة، كما سمح العقل الفلسفي والعلمي، وكذلك الانطلاقة الفنية والثقافية المنتشرة في كل القارة، من الفن الباروكي إلى الكلاسيكية، ومن الإنسانوية في زمن النهضة إلى عصر الأنوار، وحتى إلى العقل التواصلي في عصرنا، كل ذلك سمح بتخطي بعض الانقسامات. ذلك أن أوروبا قبل أن تكون مشروعاً سياسياً، هي فكرة وُلدت من مزيج صعب ساهم في صياغة جمالها. وأبعد من ذلك، إنها فكرة فلسفية. على مدى هذا الكتاب، سنذكر أسماء مثل روسو، سان سيمون، نيتشه، هوسيرل، وأسماء أخرى كثيرة تشير إلى طريق الفلسفة وطريق أوروبا. ذلك أن علم الفكر العالمي وأوروبا ينبثقان من حركة فريدة واحدة، ومن فعل روحي واحد.
يسعى هذا الكتاب إلى وصف تاريخ الأفكار الأوروبية، هذا المسار الموحد الذي بدأ مع الكتاب المقدس والإغريق، وأصبح في أبعاده الاقتصادية والسياسية وفقاً لتوجهات نيتشه. لكن كيف نفهم وكيف نتفحص عالم الأفكار المتنوعة والمفاهيم المتكاثرة هذا؟ كيف التميز بين موجة القعر والزبد، وكيف الوصول إلى إعطاء معنى لهذا العالم الذي يصعب تحليله؟ اخترنا هنا منظاراً متميزاً قصدنا من خلاله تفسير أرضية الفكر الأوروبي المعقدة التركيب، والتي هي ثمرة نضال بين رؤيتين للعالم، واحدة إغريقية وأخرى يهودية-مسيحية، هما في مواجهة مستمرة منذ بدايات العهد الروماني، ولا تنفكان تتجابهان. إن الثقافة الأوروبية هي وليدة هذا الصراع الذي دام ألفين سنة والذي أنتج وعياً يجمع ما بين الفرادة والخصوصية، صراع لم ينته بعد، إذ ما زال يلاحق الثقافة الأوروبية حتى اليوم.
مغامرة الأفكار الأوروبية
إنها ورثة رؤيتين للكون، كلتاهما وُلِدَتَا ما بين الفرات والنيل، منذ آلاف السنين. يرى الفكر الأصلي للشرق الأوسط في الخواء المبدأ الأول الذي ينبثق منه كل شيء. هكذا نحت الومريون والمصريون مفهوم المحيط الأول، وهو عبارة عن فوضى سائلة، من جوفها انبعث تلقائياً مبدأ النظام – غالباً في صورة إله – ظهر من خلاله الممالك، والآلهة، والبشر الذين ظهرتهم الواحد تلو الآخر. عندها، شكلت الطبيعة الواقع الوحيد، وقرأ الإنسان ذاته فيها، وأصبح ملكاً لها. العالم، والآلهة، والبشر يشتركون في القوانين نفسها ويخضعون لها، وهي قوانين الطاعة. هكذا تتلخص الرؤية الأولى للعالم.
غير أن شعباً صغيراً جداً، وهم العبرانيون، اتبعوا مخططاً مختلفاً تماماً: يعتبرون أن قوة متعالية، هي الله، موجودة منذ الأزل؛ وأن الله خلق الكون من العدم، وخلق الإنسان على صورة الإله، هذا الإنسان الذي أراد أن يتشبه بالله، فاكل ثمرة شجرة المعرفة، وبالرغم من العقاب الذي أنزله الله عليه بسبب فعله هذا، بقي الإنسان مسؤولاً عن العالم الذي أُعطي له، وكان عليه أن يحوله بعمله. في هذه الرواية الثانية للواقع، رأى الإنسان أن الله خصه بحرية أصيلة وأوكل إليه مشروعاً أخلاقياً وهو أن يسيطر على الطبيعة ويعطيها معنى، ويسترها وفقاً لمقاصد الله وما عند الإنسان من ذكاء وحكمة، لأنه الكائن الفريد الذي يتمتع بكرامة جديدة.
تغتني الرؤية الأولى من الفلسفة اليونانية بأفكار ما زالت قوتها تستقطب كل العالم المعاصر، أما الرؤية الثانية فإنها تغتني من الثورة المسيحية. ماذا أعطى اليونانيون؟ ببساطة كبيرة، أعطوا صورة طيعة فريدة، ينظمها مبدأ رئيسي (كالخير عند أفلاطون، أو الله، المحرك الأول عند أرسطو)، ينتشر في العالم بواسطة العقل المشترك بين مجمل الكائنات.
«العالم المؤلف من كل الأشياء، هو عالم واحد؛ يسري بين هذه الأشياء إله واحد، ماهية واحدة، قانون واحد، وعقل مشترك بين كل الكائنات الحية العاقلة، وحقيقة واحدة».
بناء على هذا، فإن فكرة الطبيعة عند اليونانيين هي الماسة، في المنظار الهيليني، كل شيء يتأنى من الطبيعة (phusis)، وهي إلى جانب اللوغوس (العقل) تنير المعرفة، وتوضح تنظيم المدينة وأيضاً الأخلاق. يشكل المذهب الطبيعي والمذهب العقلاني محورين أساسيين في نظرة الهلينيين إلى العالم.
أما النظرة الثانية للعالم، التي تبلورت أولاً في اليهودية، فإنها تبدو مختلفة تماماً. هنا لم تعد الطبيعة التي يحكمها العقل تشكل العمود الفقري، بل «الكلمة»، أي الكلمة الإلهية، خالقة الكون، وتتجلى في القانون الإلهي، وتعتبر تعليماً من تعاليم الوحي الإلهي. هكذا يظهر الإنسان، الذي خصه الله بالحرية، مرآةً للكون يبغي عليه أن يعمل فيه كما أن بإمكانه أن يفعل ذلك. وحيث أن هذه النظرة تندمج في فكرة خلق العالم وفكرة سقوط الإنسان، فإنها تدخلنا في قصة إنسانية مدعوة للالتحاق يوماً ما بهذا الوجود الأعلى الذي انفصلت عنه. هكذا تصبح الرسالة المسيحية جسرًا بين الوجود الأعلى والإنسانية، حيث يُعتبر المسيح هو رسول هذه الرسالة، وبذلك تُنشر البشارة إلى جميع البشر.
ستشكل المواجهة بين هاتين الرؤيتين، التي ستظل تمثل تاريخ الأفكار في الغرب عبر العصور، مرجعيةً متفجرة يصحبها شعور دائم بالتأزم. كان الكتاب والمفكرون والفلاسفة يعبرون عن هذا الصراع بشكل مستمر.
اندلعت الحرب في الإمبراطورية الرومانية التي ورثت الفكر اليوناني قبيل مطلع عصرنا، وقد استحوذ هذا الفكر على المنتصرين. وسيطرت المسيحية بقدرتها البناءة والديناميكية على النظرة الخاصة بالمذهب الطبيعي للعالم التي وجدها اليونانيون القدماء، من دون أن تطمسها كلياً. حتى أن بولس الرسول اعتبر البشرى الصالحة بمثابة إلمام بالفكر الهيليني، لكنه بذلك يخفي الاختلافات والتعارضات بين المسيحية والوثنية القائلة بالمذهب الطبيعي. في نهاية الإمبراطورية الرومانية، أصبحت المسيحية الدين الرسمي: ترسخ مشروعها شيئاً فشيئاً بالنسبة للجميع بواسطة الدعوة التبشيرية وأيضاً بواسطة القوة والعنف.
ستجسد الأعوام الألف للعصور الوسطى انتصار الرؤية المتعالية للعالم، وفرض السلطة البابوية نفسها على الملوك والأباطرة. وفي هذه الأثناء، وبفضل اللغة اللاتينية المستعملة من قبل الإكليروس، ولدت أوروبا الفكر الذي كان قادراً على جمع شعوب الغرب التي تحاربت طويلاً. لكن المذهب الطبيعي لم يلبث أن بعث من جديد من رماده، وخاصة انطلاقاً من المخطوطات اليونانية التي كانت الحضارة الإسلامية قد حفظتها ونشرتها. عادت الحرب لتظهر من جديد عبر صراع تتداخل فيه الأفكار من الرؤيتين بطريقة يصعب فيها التمييز بين المتخاصمين. تضمنت المسيحية المفاهيم نفسها التي حاربتها، وكان الأمر كذلك بالنسبة لهذه المفاهيم.
كتب أخرى للمؤلف : جاكلين روس
اقتباسات من كتاب مغامرة الفكر الأوروبي قصة الأفكار الغربية PDF تأليف جاكلين روس

تحميل كتاب مغامرة الفكر الأوروبي قصة الأفكار الغربية PDF تأليف جاكلين روس
للحصول على الكتاب: اضـغـط هــنا
📢 ما رأيك في هذا الكتاب؟ شاركنا تجربتك في التعليقات، واقترح علينا كتبًا أخرى تود منا نشرها!
يسرّنا في موقع المكتبة نت أن نوضح لكم بعض النقاط الهامة:
- مصادر الكتب: نقوم بتوفير الكتب من منصات الإنترنت المختلفة مثل موقع Archive و Scribd وغيرها من المواقع المتخصصة.
- المحتوى: نحن لا نتحمل مسؤولية الآراء أو الأفكار الواردة في الكتب التي نقوم بنشرها.
- الملكية الفكرية: جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلفين. في حال وجود أي مشكلة تتعلق بالحقوق، نرجو منكم التواصل معنا مباشرة.
يسعدنا تواصلكم معنا عبر أحد الوسائل التالية:
- صفحة حقوق الملكية
- صفحة حول المكتبة نت
- البريد الإلكتروني: [email protected]
- كروب الفيسبوك: [الفيسبوك]
- قناة التلغرام: [التلغرام]
لا تترددوا في التواصل معنا لأي استفسار أو ملاحظة!