كتاب حطم صنمك وكن عند نفسك صغيرا – تأليف مجدي الهلالي

لا شك فيه أن التربية الإيمانية لا بد أن تكون في مقدمة الأولويات، فكلما ازداد الإيمان في القلب، ازدادت آثار الأعمال الصالحة ظهورًا وسهولةً ويسرًا. قال تعالى: “ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب”.

ومع الأهمية الكبرى لإيقاد شعلة الإيمان في القلب والعمل على زيادته، يبقى أمر آخر على نفس الدرجة من الأهمية ينبغي أن نهتم به كما نهتم بالإيمان، وهو حماية الإيمان وتقويته من مظنة الإخلاص لله عز وجل.

ومن أهم الأمور التي يمكنها أن تضعف الإيمان: إعجاب المرء بنفسه، ورضاه عنها، ورؤيتها بعين التعظيم.
هذا الداء الخفي الذي يتسلل بخِفَّة إلى النفوس، من شأنه أن يحيط العمل بالآفات ويحرمه القبول.

فالمعنى أن الواحد منا قد يتعب ويبذل الكثير من الجهد في أداء عمل ما، ثم يأتي العجب ليقضي عليه ويحبطه.
قال رسول الله ﷺ: “فأما المهلكات: فشحٌّ مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه”.

وأصحاب المواهب والقدرات قد يظلون يسيرون في الطريق الصحيح حتى يسيطر عليهم العجب بأنفسهم، فيصيبهم الغرور والتكبر، فيقعون في المحظور.

قال النبي ﷺ: “بل آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد، فإنما أنا عبد”.
وكان عتبة بن غزوان يقول: “فإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيمًا، وعند الله صغيرًا”.

إلى كل طالب علم، وكل داعية…
إلى كل عالم، وكل عابد…
إلى كل مسلم ومسلمة…
إلى نفسي، وإلى كل من أحب…

كانت هذه الصفحات بمثابة ناقوس خطر يوقظنا جميعًا. إنها دعوة لتحطيم أصنام النفس داخلنا، ولنكون أكثر وعيًا بذواتنا.

فلنكفّ عن المبالغة في تقدير أنفسنا، ولننظر إلى نعم الله على أنها فضلٌ منه وحده، لا استحقاق ذاتي.
ولنطلب من الله بصدق أن يعيننا على مجاهدة هذا الداء، وأن يرزقنا الإخلاص والتواضع حتى نخرج من الدنيا عبيدًا مخلصين له، لا نرى فضلًا إلا فضله، ولا خيرًا إلا منه.

قال تعالى: “ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدًا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم” (النور: 21).