كتاب ملكات الفلسفة سيرة النساء المهملات في الفلسفة وإرثهن PDF تأليف ربيكا بكستن – ليسا وايتنغ

سيرة النساء المهملات في الفلسفة.. وآراؤهن

بقلم قاري ناربخ القلقة

يُطرح السؤال: لماذا كانت الفلسفة حكرًا على الذكور دون النساء؟
يبحث هذا المقال في كتب أفردت مساحة للفيلسوفات من النساء، ومنها ملكات الفلسفة، الذي اقتصر على مفكرات بارزات، صغن مصطلحات، وقدمن إسهامات رفدت الفكر الفلسفي على امتداد ألفيتين، بدءًا من دبوتيا، وبان ناهو (أول مؤرخة في تاريخ الصين القديم)، وحنة أرنت، والأكسفورديات، وهايا، مرورًا بأنجيلا ديفز (الرمز الأشهر لحركة الحقوق المدنية للسود في أمريكا)، ثم عزيزة أهري (التي أوقفت بحثها عند مفاهيم غربية معاصرة، مثل المساواة بين الجنسين، مع التطرق إلى الإسلام).

سيجد القارئ المهتم بالمبحث الفلسفي النسوي ضالته في ملكات الفلسفة، إذ يضم أكثر من مئة شخصية ورسومات، ويقدم رؤى جديدة في مجال الفكر.

لكن السؤال، بعد هذا الكتاب وأضرابه، قد بقي قائمًا:

لماذا أُقصيت النساء من المجال الفلسفي؟

لا ينظر معظم الناس إلى الجمهورية لأفلاطون بوصفها عملًا فلسفيًا ذا نزعة نسوية. لكن، حين ارتأى أفلاطون أن لدى النساء القدرة، شأنهن في ذلك شأن الرجال، على تولي رئاسة المدينة الفاضلة، فقد استبق تفكيره عصره بأمد بعيد. وقد حاجج أفلاطون، من خلال شخصية سقراط، بأنه من الضروري اصطفاء الموهوبات والذكيات من النساء للعمل حارسات إلى جانب الرجال من طبقة الحراس. وكان من شأن هؤلاء (الملوك الفلاسفة)، كما جرت تسميتهم، أن يسودوا الجمهورية، موفرين للمدينة تنويرًا فلسفيًا مثاليًا، فضلًا عن تحقيق الانسجام فيها.

أما وقد مر ألفا عام على ما كتبه أفلاطون، فقد يبدو للناس أن الرجال هم الذين أنتجوا معظم الفلسفة منذ ذلك الحين. ويبدو أن النساء لم يحققن تصور أفلاطون، أو لم تؤخذ إمكاناتهن الفلسفية على محمل الجد، وهذا ما تعكسه كتب الفلسفة المتداولة على الأقل.

لم يكن تاريخ الفلسفة منصفًا للنساء، وما على المرء إلا تقليب النظر في بعض الكتب الصادرة حديثًا حول الموضوع للتحقق من ذلك. فعلى سبيل المثال، في كتاب الفلسفة: مئة من المفكرين الأساسيين، لم يُذكر سوى امرأتين نالتا شرف أن تجلسا على كرسي الفلسفة، وهما: ماري ولستونكرافت وسيمون دي بوفوار. أما كتاب أعظم الفلاسفة: من سقراط إلى ألان تورنغ، فلم يشمل أي امرأة بين هذه الثلة من الفلاسفة.

وقد ألف مجموعة من الفلاسفة المعاصرين هذا الكتاب، وكان جميعهم رجالًا. كما أصدر آ. س. جرايلنغ كتابًا بعنوان تاريخ الفلسفة، لكنه لم يفرد فصلًا واحدًا حول النساء الفيلسوفات. وفي حقيقة الأمر، يتضمن الكتاب مراجعة لا تتعدى ثلاث صفحات ونصف حول الفلسفة النسوية، لكنه لا يذكر إلا فيلسوفة واحدة فقط؛ هي مارثا نوسباوم.

إن هذه الفجوة لا تعود إلى قلة الكتب الصادرة حول الفلسفة، بل على العكس، فهناك وفرة من النصوص الفلسفية التي تُكتب في موضوعات متنوعة ومثيرة للدهشة، مثل كتاب لعبة الجولف والفلسفة: دروس مستقاة من التأملات، وكتاب أرسطو وآكل النمل يقصدان واشنطن، وكتاب ركوب الأمواج برفقة سارتر. ومع ذلك، نادرًا ما نجد كتابات تحتفي بالعظيمات من النساء الفيلسوفات، باستثناء كتاب نساء فيلسوفات، الذي ألفته منذ أكثر من عشرين عامًا البارونة ماري وارنك، وهي نفسها فيلسوفة بارزة.

كانت النساء ممثلات تمثيلًا قاصرًا في عالم الفلسفة، بل وفي معظم الأروقة الأكاديمية. فقد تم إقصاؤهن تاريخيًا من مؤسسات التعليم، ويشهد على ذلك أن أول أربع نساء حصلن على درجات جامعية في المملكة المتحدة تخرجن عام 1880 من كلية لندن الجامعية. ليس هذا فحسب، فقد كانت جامعة كامبريدج من آخر المؤسسات البريطانية التي سمحت للنساء بالحصول على درجات كاملة (البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه)، وذلك في عام 1948.

لقد أدى هذا الإقصاء المؤسسي إلى أن تُوكل للنساء أدوار تقليدية في المجتمع، مما حدَّ من تفكيرهن وحريتهن. فهل يمكننا اليوم تصحيح هذا الظلم التاريخي، ومنح النساء الفيلسوفات المكانة التي يستحققنها في تاريخ الفكر؟